أقول : الاشتباه نشأ من مقايسة الأسباب الشرعية بالعلل التكوينية ; فإنّ الجعل في التكويني حقيقة يتعلّق بوجود السبب ، وسببية السبب أو نفس المسبّب مجعول بالعرض ، فالجاعل جعل النار ، لاجعل النار مؤثّراً في الإحراق ، وهكذا نفس الإحراق .
وأمّا المسبّبات الشرعية المحضة : فبما أنّ أسبابها أيضاً اختراعية لا عقلائية فلا يعقل كفاية تعلّق الجعل بالمسبّب دون سببه أو سببيته ; لأنّ المفروض أنّ المسبّب ليس أمراً عقلائياً بل اختراعياً ، وما كان كذلك لا يعقل أن يكون له سبب عقلائي أو عقلي أو عادي .
فلابدّ أن يكون سببه أيضاً اختراعياً ، فلابدّ من تعلّق الجعل بالسبب ومسبّبه ; سواء تعلّق ابتداءً بالسبب أو بالمسبّب أو أدّى كلاماً يتكفّل الجعلين .
ولايخفى : أنّ الجعل يتعلّق بوصف السببية ; أي يجعل ما لم يكن سبباً سبباً ، فلو فرضنا أنّ قول القائل : «ظَهْركِ كظهر اُمّي» ليس عند العقلاء محرّماً ، وجعله الشارع سبباً لحرمة ظهر زوجته . فالجعل لم يتعلّق بذات السبب ـ أي الألفاظ ـ بل بوصف السببية ; أي صيّر الشارع ما لم يكن سبباً سبباً للتحريم أنّ الجعل تعلّق بالسبب ، والسببية أمر انتزاعي ، كما هو المشهور .
هذا ، وسيوافيك تفصيل القول في هذه المقامات في الاستصحاب[ 2 ] .