أضف إلى ذلك : أنّ المفعول المطلق النوعي والعددي يصحّ جعله مفعولاً به بنحو من العناية ، كما أنّ الوجوب والتحريم يصحّ تعلّق التكليف بهما باعتبار ما لهما من المعنى الاسم المصدري[ 1 ] ، انتهى .
وفيه ـ مضافاً إلى عدم إمكان شمول الموصول لهما بما مرّ[ 2 ] ـ أوّلاً : أنّ قوله(قدس سره)إنّ المفعول المطلق يصحّ جعله مفعولاً به بنحو من العناية لا محصّل له ، كقوله : إنّ الوجوب والتحريم يصحّ تعلّق التكليف بهما ; إذ كيف يتصوّر تعلّق البعث بهما على نحو المفعول به ; ولو اعتبرا بنحو الاسم المصدري ؟
وثانياً : أنّ لازم ما أفاد هو الجمع بين الاعتبارين المتنافيين ; فإنّ المفعول به مقدّم في الاعتبار على المصدر ; لأ نّه إضافة قائمة به في الاعتبار ، وأمّا المفعول المطلق فهو عبارة عن حاصل المصدر ، وهو متأخّر رتبةً عن المصدر ، فكيف يجمع بينهما في الاعتبار ؟ فيلزم ممّا ذكره اعتبار المتأخّر في الاعتبار متقدّماً في الاعتبار في حال كونه متأخّراً .
ثمّ إنّه استشكل على دلالة الآية : بأنّ أقصى ما تدلّ عليه الآية هو أنّ المؤاخذة لا تحسن إلاّ بعد بعث الرسل وتبليغ الأحكام ، وهذا لا ربط له بما نحن فيه من الشكّ في التكليف بعد البعث والإنزال وعروض اختفاء التكليف بما لا يرجع إلى الشارع .
فالآية لا تدلّ على البراءة ، بل مفادها مفاد قوله تعالى : (وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً)[ 3 ] ، انتهى .