وما أفاده بعض الأعاظم من أنّ التكليف غير مقيّد بالإرادة ; لأنّ التقييد بها غير معقول ، بخلاف القدرة العقلية والعادية قد وافاك جوابه[ 1 ] ; فإنّ التكليف لأجل إيجاد الداعي ; ولو لأجل الخوف والطمع في الثواب ، والتارك للشيء بالطبع ـ سواء نهى المولى عنه أو لم ينهه عنه ـ تارك له مطلقاً ، فالزجر لغو أو غير ممكن ; لعدم تحقّق ما هو المبادئ للإرادة الجدّية ، كما أوضحناه .
ومنها : يلزم على كون الخطاب شخصياً عدم وجوب الاحتياط عند الشكّ في القدرة ; لكون الشكّ في تحقّق ما هو جزء للموضوع ; لأنّ خطاب العاجز قبيح ، والشكّ في حصول القدرة وعدمها شكّ في المصداق ، وهو خلاف السيرة الموجودة بين الفقهاء ; من لزوم الاحتياط عند الشكّ في القدرة .
ومنها : لزوم الالتزام بأنّ الخطابات وأحكام الوضعية مختصّة بما هو محلّ الابتلاء ; لأنّ جعل الحكم الوضعي إن كان تبعاً للتكليف فواضح ، ومع عدم التبعية والاستقلال بالجعل فالجعل إنّما هو بلحاظ الآثار ; ولهذا لا يمكن جعل حكم وضعي لا يترتّب عليه أثر مطلقاً .
فجعل النجاسة للخمر والبول للآثار المترتّبة عليها ، كحرمة الشرب وبطلان الصلاة مع تلوّث اللباس بها ، ومع الخروج عن محلّ الابتلاء لا يترتّب عليها آثار .
فلابدّ من الالتزام بأنّ النجاسة والحلّية وغيرهما من الوضعيات من الاُمور النسبية بلحاظ المكلّفين ، فيكون الخمر والبول نجسان بالنسبة إلى من كان مبتلى بهما ، دون غيرهما ، ولا أظنّ التزامهم بذلك ; للزوم الاختلال في الفقه ، والدليل العقلي غير قابل للتخصيص فيكشف ذلك عن بطلان المبنى .