الأمر الثاني في شرطية الابتلاء لتنجيز العلم الإجمالي
قد استقرّ آراء جلّ المتأخّرين من أهل التحقيق على عدم لزوم الاجتناب عن الأطراف إذا خرج بعضها عن محلّ الابتلاء في الجملة .
وتوضيحه : أنّ الأمر والنهي لداعي البعث والزجر ، ولأجل ذلك يتوقّف صحّة البعث والزجر على تحقّق اُمور :
الأوّل : كون المكلّف قادراً على الامتثال ; فإنّ خطاب غير القادر أمر قبيح ، بل لا ينقدح الإرادة الجدّية في لوح النفس ، وهو من الوضوح بمكان .
الثاني : أن يكون مورد التكليف مورد الابتلاء نوعاً ; بحيث لا يعدّ من المحالات النوعية حتّى لا يكون البعث إليه والزجر عنه لغواً ، كجعل الحرمة للخمر الموجود في إحدى الكرات السماوية التي كان يعدّ من المحالات العادية ابتلاء المكلّف بها .
والحاصل : أنّ التكاليف إنّما تتوجّه إلى المكلّفين لأجل إيجاد الداعي إلى الفعل أو الترك ، فما لا يمكن عادة تركه لا مجال لتعلّق التكليف به . فالنهي المطلق عن شرب الخمر الموجود في أقاصي بلاد المغرب أو ترك وطي جارية سلطان الصين يكون مستهجناً ، فإذا كان هذا حال خطاب التفصيلي فالحال في الإجمالي منه واضح جدّاً .
الثالث : أن لا يكون الدواعي مصروفة عنه نوعاً ، كالنهي عن عضّ رأس الشجرة ، كما مثّل بهما سيّد المحقّقين ، السيّد محمّد الفشاركي ، على ما حكاه عنه