ومن ذلك يعلم : أنّ تقديم دليل أصالة الصحّة في فعل الغير على الاستصحاب ليس بنحو الحكومة ، لكونه لبّياً ، وهو بناء العقلاء .
وأمّا تقديم أدلّة قاعدة التجاوز على دليل الاستصحاب فالظاهر : أنّه على نحو الحكومة ، بناءً على أنّ الاستصحاب أصل ; فإنّ مفاده عدم نقض اليقين بالشكّ ، ولسان الأدلّة في القاعدة هو عدم الشكّ أو عدم شيئيته ، وهذا لسان الحكومة ، بل أيّ حكومة أقوى من قوله : «إنّما الشكّ إذا كنت في شيء لم تجزه»[ 1 ] ، أو قوله(عليه السلام):«فشكّك ليس بشيء»[ 2 ] .
ثمّ إنّ بعض أعاظم العصر نسب إلى الشيخ الأعظم أنّه قال هنا وفي مبحث التعادل والترجيح : إنّ التنافي بين الأمارات والاُصول هو التنافي بين الحكم الواقعي والظاهري وأنّ الجمع هو الجمع .
ثمّ أورد عليه : بأنّ المقامين مختلفان تنافياً وجمعاً ، وأنّ الجمع بين الأمارات والاُصول إنّما هو بالحكومة لا بما أفاده[ 3 ] ، انتهى .
وفيه : أنّ الشيخ الأعظم قد صرّح بحكومة الأمارات على الاُصول في كلا المقامين ، وليس في كلامه ما يوهم ما نسبه إليه ، فراجع[ 4 ] .
[1] تهذيب الأحكام 1 : 101 / 262 ، وسائل الشيعة 1 : 469 ، كتاب الطهارة ، أبواب الوضوء ، الباب 42 ، الحديث 2 . [2] تهذيب الأحكام 2 : 352 / 1459 ، وسائل الشيعة 8 : 237 ، كتاب الصلاة، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الباب 23 ، الحديث 1 . [3] فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 3 : 326 . [4] فرائد الاُصول ، ضمن تراث الشيخ الأعظم 25 : 11 و 27 : 11 .