وأمّا القابلية : فلا شكّ أنّها من العوارض اللازمة للوجود أو الموجود ، وليست من العوارض اللازمة للماهية . نعم يمكن أن يقال : إنّها من العوارض المفارقة بالنسبة إلى الماهية لكن بتبع الوجود ; كما هو الشأن في عامّة العوارض الوجودية .
إذا عرفت هذا : فيمكن أن يقرّر الأصل هكذا : أنّ القابلية كالقرشية من عوارض الوجود ; فإنّ القرشية عبارة عن الانتساب في الوجود الخارجي إلى قريش ، كما أنّ القابلية عبارة عن خصوصية في الحيوان ، بها يصلح لورود التذكية عليه ، وبها يترتّب الحلّية والطهارة .
وعليه : فلنا أن نشير إلى ماهية المرأة المشكوك فيها ، ونقول : إنّ ماهية تلك المرأة قبل وجودها لم تكن متّصفة بالقرشية ، ولكن علمنا انتقاض اليقين بعدم وجودها إلى العلم بوجودها ، ولكن نشكّ في انتقاض العدم في ناحية القرشية .
وهكذا يمكن أن يقال في ناحية القابلية ، فنقول : إنّ الحيوان الكذائي ـ مشيراً إلى ماهيته ـ لم يكن قابلاً للتذكية قبل وجوده ، ونشكّ في أنّه حين تلبّس بالوجود هل عرض له القابلية أو لا ، فالأصل عدم عروضها .
نعم ، لو كان الموضوع هو الوجود ، أو كانت القابلية من لوازم الماهية لم يكن وجه لهذا الاستصحاب ; لعدم الحالة السابقة ، لكن الموضوع هو الماهية والقابلية عارضة لها بعد وجودها .
فهذه الماهية قبل تحقّقها لم يكن متّصفة بالقابلية بنحو السالبة المحصّلة ، والأصل بقاؤها على ما هي عليه . ولو صحّ جريانه لأغنانا عن استصحاب عدم التذكية ; لحكومته عليه حكومة الأصل السببي على المسبّبي ، ويكون حاكماً على الاُصول الحكمية عامّة . هذا غاية ما يمكن أن يقال في توضيح مقاله .