تامّ ; فإنّ الكبرى المذكورة في رواية جميل بن درّاج ـ أعني قوله : «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة» ـ لا تنطبق على ما ذكره بعده ـ أعني قوله : «وما خالف كتاب الله فدعوه» ـ لأنّ مخالف الكتاب ليس ممّا يجب فيه الوقف أو يستحبّ فيه التوقّف ، بل يجب طرحه وسلب إسناده إلى الأئمّة(عليهم السلام) .
وحينئذ : فلابدّ أن تحمل الكبرى المذكورة على غير هذا المورد ، بل تحمل على الأخبار التي ليس مضامينها في القرآن ; لا على نحو العموم ولا الخصوص . ولو لم تحمل على هذا فلابدّ أن تحمل إمّا على الموافق للقرآن أو مخالفه صريحاً ، وكلاهما خارجان عنها : أمّا الموافق فيجب الأخذ به ، وأمّا المخالف فيجب طرحه لا التوقّف فيه .
فانحصر حمله على الروايات التي لا تخالف القرآن ولا توافقه . وعلى هذا فلو حملنا الأمر بالوقوف على الاستحباب في مورد الشبهة ثبت المطلوب ، وإن حملناه على الوجوب فلا تجد له قائلاً ; فإنّ الأخباري والاُصولي سيّان في العمل بالأخبار التي لا تخالف القرآن ولا توافقه ، ولم يقل أحد بوجوب الوقوف أصلاً ; وإن كان التوقّف والعمل على طبق الاحتياط أولى وأحسن .
وأمّا المقبولة فسيوافيك الكلام في مفادها عند نقل الروايات الواردة في مرجّحات الأخبار عند التعارض[ 1 ] ، وما نذكره هنا قليل من كثير ، فنقول : بعدما فرض الراوي تساوي الحكمين في العدالة ، وكونهما مرضيين عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على الآخر قال(عليه السلام) : «ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين أصحابك ، فيؤخذ به من حكمهما[ 2 ] ، ويترك الشاذّ الذي
[1] التعادل والترجيح ، الإمام الخميني(قدس سره) : 169 . [2] كما في الاحتجاج والمستدرك .