قارنهما من الروايات في المعنى أقوى شاهد على الحمل على الاستحباب .
الطائفة الرابعة : أخبار التثليث :
منها : رواية النعمان بـن بشير ، قال : سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : «إنّ لكلّ ملك حمى ، وإنّ حمى الله حلاله وحرامه ، والمشتبهات بين ذلك ، كما لو أنّ راعياً رعى إلى جانب الحمى لم يثبت غنمه أن تقع في وسطه ، فدعوا المشتبهات»[ 1 ] .
ومنها : رواية سلام بن المستنير عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) قال : «قال جدّي رسول الله : أيّها الناس حلالي حلال إلى يوم القيامة ، وحرامي حرام إلى يوم القيامة» إلى أن قال : «وبينهما شبهات من الشيطان وبدع بعدي ، من تركها صلح له أمر دينه ، وصلحت له مروّته وعرضه ، ومن تلبّس بها وقع فيها واتبعها كان كمن رعى غنمه قرب الحمى ، ومن رعى ماشيته قرب الحمى نازعته نفسه إلى أن يرعاها في الحمى»[ 2 ] .
أقول : هذه الروايات صريحة في الاستحباب ; ضرورة أنّ الرعي حول الحمى لم يكن ممنوعاً ، غير أنّ الرعي حوله ربّما تستوجب الرعي في نفس الحمى ، فهكذا الشبهات ; فإنّها ليست محرّمة ، غير أنّ التعوّد بها كالتعوّد بالمكروهات ربّما يوجب تجرّي النفس وجسارته لارتكاب المحرّمات ، بل في هذه الروايات شهادة على التصرّف في غيرها ، لو سلّمت دلالتها .
[1] الأمالي ، الشيخ الطوسي : 381 / 69 ، وسائل الشيعة 27 : 167 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ، الباب 12 ، الحديث 45 . [2] كنز الفوائد 1 : 352 ، وسائل الشيعة 27 : 169 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ، الباب 12 ، الحديث 52 .