من بحث اجتماع الأمر والنهي[ 1 ] ، مع أنّ البحث هاهنا فيما إذا تعلّق النهي بنفس العبادة لا بأمر خارج .
ومنها : إحراز كونه تنزيهياً نفسياً ، فالظاهر دلالته على الفساد لو اُبقي على ظاهره ; إذ يستفاد منه مرجوحية متعلّقه وحزازته .
وقد يقال : إنّ الكراهة بما أ نّها لا تمنع عن إيجاد متعلّقها ، فإذا تعلّقت ببعض أفراد العبادة الواجبة تصير إرشاداً إلى كون هذا الفرد أقلّ ثواباً من غيره [ 2 ].
وفيه : أنّ البحث فيما إذا كان النهي ظاهراً في المرجوحية ، وأ مّا لو كان الظاهر منه هو الإرشاد إلى أقلّية الثواب فخارج من البحث .
فإن قلت : إنّ النهي التنزيهي ملازم للترخيص ، وكيف يمكن ترخيص التعبّد بأمر مرجوح ؟ وهل هذا إلاّ الترخيص بالتشريع ؟ فلابدّ بعد إحراز المرجوحية من التخلّص عن هذا الإشكال .
قلت : إنّ الترخيص حيثي ، مفاده عدم كون عنوان العبادة محرّماً ذاتاً ، ولا ينافي ذلك الحرمة من قِبَل التشريع على فرض حرمته .
ومنها : إحراز كونه غيرياً ، كالنهي عن الضدّ ـ بناءً على اقتضاء الأمر النهي عن ضدّه ـ فلا يقتضي الفساد عقلاً ; لعدم دلالته على مبغوضية في متعلّقه ; بحيث يمتنع التقرّب به ; لأنّ الإلزام بتركه لأجل فعل غيره ، كما أنّ الأمر المقدّمي لا يكشف عن محبوبيته ، وحينئذ فعلى القول بكفاية الملاك في التقرّب يصحّ التقرّب بالمنهي عنه بالنهي الغيري .
[1] درر الفوائد ، المحقّق الحائري : 187 ـ 188 . [2] اُنظر درر الفوائد : 185 ـ 186 .