وفيه : أنّ عدّ مورد اجتماع السيرتين من باب قيام الدليلين على شيء واحد غير صحيح ; فإنّ سيرة المسلمين على جواز العمل بقول الثقة لو كانت قائمة عليه بما هم مسلمون فلا وجه لإرجاعها إلى طريقة العقلاء وسيرتهم كما ادّعاه .
وإن كانت قائمة عليه لا بما هم مسلمون فهي وإن كانت راجعة إلى سيرة العقلاء لكن لا تصير السيرة دليلاً مستقلاًّ بعد اتّحاد الحيثيتين في متعلّق السيرتين ، بل الدليل ينحصر في واحد ; وهو سيرة العقلاء[ 1 ] .
[1] ثمّ إنّ القوم ـ قدّس الله أسرارهم ـ استدلّوا على حجّية قول الثقة بالدليل العقلي الذي نقل الشيخ الأعظم تقريراته المختلفة في «فرائده» ، ومرجع الكلّ إلى الانسداد الصغير والكبير .
وقد بحث سيّدنا الاُستاذ ـ دام ظلّه الوارف ـ عنه في الدورة السابقة ، وغار في عامّة مباحثه ، وفند أكثر ما أفاده بعض أعاظم العصر في هاتيك المباحث . غير أ نّه ـ دام ظلّه ـ رأى البحث عنه في هذه الدورة ضياعاً للوقت ، وصار بصدد تهذيب الاُصول وتنقيحه .
ومن أجمل ما أفاد في هذا المقام قوله : إنّ البحث عن أصل الانسداد وإن كان له شأن ; ليقف القارئ على حقيقة الحال ، غير أنّ البحث عن فروعه ; من كون النتيجة على فرض صحّة الانسداد مهملة أو كلّية ، وكون الظنّ حجّة على الكشف أو الحكومة و . . . ضار جدّاً ; إذ بعد إبطاله لا مصاغ للبحث عن فروعه ; إذ لا أساس حتّى يبحث عمّا يبنى عليه .[المؤ لّف]