وقد عرفت أ نّها العمدة في الباب ، بل لا دليل غيرها ، ويقف على وجودها كلّ من له إلمام بالمجتمعات البشرية منذ دوّن تأريخ البشر ، واستقرّ له التمدّن ، واتّخذ لنفسه مسلكاً اجتماعياً .
وما ورد من الآيات الناهية من العمل بغير العلم[ 1 ] أو العمل بالظنّ[ 2 ] ليست رادعة عن السيرة ; إذ لو كانت رادعة لمطلق العمل بالظنّ أو بغير العلم شملت نفسها ; لأ نّها بمنزلة القضايا الحقيقية ، الثابت فيها الحكم لموضوعاتها المحقّقة كلّ في موطنها ، ومن العمل بالظنّ نفس التمسّك بهذه الآيات والأخذ بمفادها ; فيلزم من جواز التمسّك عدم جوازه .
وأمّا ما أفاده المحقّق الخراساني من أنّ رادعية تلك الآيات تستلزم الدور المحال[ 3 ] فضعيف ، وقد مرّ وجهه عند البحث عن استدلال النافين بالآيات[ 4 ] .
لا يقال : إنّ المحال إنّما يلزم من شمولها لنفسها ، فيندفع بعدم شمولها لنفسها ، وحينئذ يصلح للرادعية عن مطلق العمل بالظنّ .
لأ نّا نقول : لا شكّ أنّ هذه الآية إنّما نزلت لأجل الإفادة والاستفادة حتّى يأخـذ الاُمّـة بمضمونها ، كما لا شكّ في أنّ العمل بظاهـرها ليس إلاّ عملاً بالظـنّ