وقوله : (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ)إخبار في مقام الإنشاء ـ ولو بقرينة شأن نزولها ، كما قال المفسّرون[ 1 ] ـ وليس المراد بيان أمر واضح وهو امتناع نفر جميع الناس في جميع الأدوار إلى طلب العلم والتفقّه حتّى لزم التنبّه به ، إلاّ أن يحمل ذكره لصرف المقدّمة لما بعده ، وهو أيضاً بعيد مخالف لشأن نزول الآية وقول المفسّرين .
ومنها : أنّ ما ذكره(قدس سره) من أنّ المراد من الحذر هو الحذر العملي ، وهو يحصل بالعمل بقول المنذر لا يخلو عن ضعف ، بل الظاهر : أنّ المراد من الحذر هو الحذر القلبي بعد إنذار المنذر وإيعاده وتلاوته ما ورد في ذلك من الآيات والنصوص والسنن .
وعلى ذلك : فبعدما أنذر المنذر بما عنده من الآيات والروايات ، وحصل الحذر والخوف القلبيان يقوم المنذرون ـ بالفتح ـ بما لهم من الوظائف العملية التي تعلّموها من قبل ، أو يلزم تعلّمها من بعد ، فليست الآية ظاهرة في أخذ المنذر ـ بالفتح ـ شيئاً من الأحكام من المنذر ـ بالكسر ـ تعبّداً .
وبالجملة : غرض القائل سبحانه من الآية ليس تعلّم المنذَر شيئاً من المنذِر ولا عمله بقوله ، بل غرضه سبحانه أنّ المنذرين بعدما أوعدوا قومهم بتذكار الله وبيان عظمته ، وما اُعدّ للمتّقين من الجنّة وللكافرين والفاسقين من النار ، وذكروا ذلك كلّه على سبيل الموعظة والإنذار يحصل له حذر قلبي وخوف باطني يجبر ذلك الخوف على العمل بالوظائف الشرعية العملية .
وأمّا ما هو الوظائف وأ نّها من أين يلزم تحصيلها والوقوف عليها فليس