حاجتـه ويقضي مراده ، وهـو ليس إلاّ الخـارج ; إذ إليه يشدّ رحـال الآمال ، وعنده تناخ ركائبها .
توضيح الضعف : أ نّه إن اُريد الاجتماع في المراحل المتقدّمة على الأمر والنهي ; بأن يجتمعا في مبادئهما الموجودة في نفس المولى فهو واضح البطلان ; لأنّ المتصوّر من كلٍّ غير المتصوّر من الآخر ، ومورد تصديق المصلحة غير مورد تصديق المفسدة ، وقس عليهما سائر المراحل ، وكذا العنوان المتعلّق به الحكم من كلّ ، غير الآخر ، لو فرض تعلّق البعث والزجر به .
و إن اُريد كون الموجود الخارجي محبوباً ومبغوضاً فلا محذور فيه ; لأنّ الحبّ والبغض من الأوصاف النفسانية ، وتقوّمها إنّما هو بمتعلّقاتها ; إذ الحبّ المطلق والشوق بلا متعلّق لا معنى لهما ، ولكن ما هو المتعلّق إنّما هو صور الموجودات وعناوينها ; إذ الخارج يمتنع أن يكون مقوّماً لأمر ذهني ، وإلاّ لزم الانقلاب وصيرورة الذهن خارجاً أو بالعكس .
أضف إلى ذلك : أنّ الحبّ أو الشوق قد يتعلّق بما هو معدوم ، والمعدوم يمتنع أن يقع مقوّماً للموجود .
وبما ذكرنا يظهر : أ نّه لا مناص عن القول بأنّ متعلّقي الحبّ والبعض متغايران حقيقة ; لأنّ وعاء الذهن وعاء التحليل والتجزئة ، فالصورة التي تعلّق بها الحبّ غير الصورة التي تعلّق بها البغض ، ولمّا كانت العناوين وجوهاً لمصاديقها فلا محالة يصير الخارج محبوباً ومبغوضاً بالعرض وبالواسطة .
لا يقال : كون الموجود الخارجي محبوباً بالعرض خلاف الوجدان والإنصاف ، ولا يقال هذا محبوب إلاّ إذا وجد فيه المبدأ حقيقة ، فعلى القول بالاجتماع يلزم اجتماع مبدأين متضادّين في واحد شخصي .