وفيه : أنّ الظاهر بقاء الإشكال على حاله ; فإنّ مفهوم قولك : «إن جاءك الفاسق بنبأ» أ نّه إذا لم يجئك الفاسق بنبأ ، وأمّا مجيء العادل مكانه فليس مذكوراً في المنطوق حتّى يعلم حكمه من المفهوم .
أضف إليه : أنّ تعدّد المصداق للمفهوم لا يتوقّف على ما ذكره من كون الشرط هو مجيء الفاسق ، بل يتمّ لو كان الشرط هو المجيء والموضوع هو نبأ الفاسق ، فلانتفائه في الخارج مصداقان : عدم مجيء النبأ أصلاً ومجيء العادل بالنبأ . ومع ذلك كلّه : فالمرجع هو العرف ، وهو لا يساعده .
ويمكن تقريب المقام بوجه آخر ; وهو أ نّه لا فرق في شمول العامّ لأفراده بين كونها الأفراد الذاتية أو العرضية إذا كانت القضية شاملة لها على وجه الحقيقية ، فكما أنّ الأبيض صادق على نفس البياض لو فرض قيامه بذاته ، كذلك صادق على الجسم المعروض له ، مع أنّ صدقه عليه تبعي لدى العقل الدقيق ، لكنّه حقيقية لدى العرف .
وعليه : فلعدم مجيء الفاسق بالخبر فردان : عدم المجيء بالنبأ أصلاً ـ لا من الفاسق ولا من العادل ـ ومجيء العادل بالخبر . والأوّل فرد ذاتي له والآخر عرضي ، فيشمل العامّ لهما .
فمفهوم الآية : إن لم يجئ الفاسق بالخبر لايجب التبيّن ; سواء جاء به العادل ; وهو الفرد العرضي أو لم يجئ أصلاً ; وهو الفرد الذاتي ، والعامّ يشملهما معاً .
أضف إلى ذلك : أنّ القضايا السالبة ظاهرة في سلب شيء عن شيء مع وجود الموضوع ، لا في السلب باعتبار عدم الموضوع . ولو حمل المفهوم على المصداق الذاتي ـ وهو عدم الإتيان بالخبر أصلاً ـ تصير السالبة صادقة باعتبار عدم