والتعليل الوارد في المقبولة لا ينطبق على ذلك ; لأ نّه لا يصحّ أن يقال : يجب الأخذ بكلّ ما لا ريب فيه بالإضافة إلى ما يقابله ، وإلاّ لزم الأخذ بكلّ راجح بالنسبة إلى غيره ، وبأقوى الشهرتين وبالظنّ المطلق وغير ذلك من التوالي الفاسدة التي لا يمكن الالتزام بها ، فالتعليل أجنبي عن أن يكون من الكبرى الكلّية التي يصحّ التعدّي عن موردها[ 1 ] ، انتهى .
وفيه : أنّ الكبرى ليست مجرّد كون الشيء مسلوباً عنه الريب بالإضافة إلى غيره حتّى يتوهّم سعة نطاق الكبرى ، بل الكبرى كون الشيء ممّا لا ريب فيه بقول مطلق عرفاً ; بحيث يعدّ طرف الآخر شاذّاً نادراً لا يعبأ به عند العقلاء ، وهذا غير موجود في الموارد الذي عدّه(قدس سره) ; فإنّ ما ذكره من الموارد ليس ممّا لا ريب فيه عند العرف ; بحيث صار الطرف المقابل أمراً غريباً غير معتنى به .
بل الظاهر : أنّ عدم الريب ليس من المعاني الإضافية حتّى يقال : لا ريب فيه بالنسبة إلى مقابله ، بل من المعاني النفسية التي لا يصدق إلاّ مع فقد الريب بقول مطلق عن شيء . فقوله «لا ريب فيه» كبرى كلّية ، وكلّ ما كان كذلك عرفاً يجب الأخذ به ، ولا يرد عليه ما جعله نقضاً لذلك .
فتلخّص ممّا ذكر : حجّية الشهرة الفتوائية الدائرة بين القدماء إذا كان موجباً للحدس بثبوت الحكم دون غيره من الشهرة في التفريعات الاجتهادية ، وسيوافيك بعض الكلام في مبحث التعادل والترجيح ، وأنّ الشهرة الفتوائية على مضمون إحدى الروايتين يوجب سقوط الاُخرى عن الحجّية[ 2 ] .