الثانية : أنّ الإطلاق ـ كما أوعزنا إليه[ 1 ] وسيوافيك في محلّه[ 2 ] ـ ليس إلاّ كون ما وقع تحت الأمر تمام الموضوع للحكم .
وأ مّا ما ربّما يتوهّم من أنّ الإطلاق عبارة عن لحاظ المطلق سارياً في أفراده دارجاً في مصاديقه أو مرآة لحالاته[ 3 ] فضعيف غايته ; لأنّ سريان الطبيعة في أفراده أمر ذاتي ، على ما حرّر في محلّه ، هذا أوّلاً . وعدم إمكان كون الماهية آلة للحاظ تلك الخصوصيات ثانياً ، بل لابدّ هنا من دالّ آخر يدلّ على الكثرة وراء الطبيعة من لفظة «كلّ» أو «اللام» المفيدة للاستغراق ، ومعه يصير عموماً لا إطلاقاً .
وبه يظهر أنّ ما ربّما يقال : من أنّ معنى الإطلاق هو كون الشيء بتمام حالاته ولواحقه موضوعاً للحكم ، وأنّ معنى قوله : «إن ظاهرت فاعتق رقبة مؤمنة» هو أ نّه يجب عليك عتقها ; سواء كانت عادلة أم فاسقة ، عالمة أم جاهلة .
ممّا لا أصل له ; إذ الدخيل في الغرض هو ذات الطبيعة لا حالاتها وقيودها المتصوّرة ; ولذلك قد ذكرنا في محلّه[ 4 ] : أنّ الإطلاق واقع في عداد الدلالات العقلية ; أي دلالة فعل المتكلّم بما هو فاعل مختار بحسب العقل على أنّ ما أفاده هو تمام مقصوده ومحصّل غرضه .
فعلى ما ذكرنا : فإطلاق قوله سبحانه (أَقِمِ الصَّلاةَ . . . )[ 5 ] إلى آخره ـ على فرض إطلاقه ـ عبارة عن تعلّق الحكم بها بلا دخالة لشيء آخر في الموضوع ،
[1] تقدّم في الجزء الأوّل : 234 و 338 . [2] يأتي في الصفحة 271 . [3] فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 1 : 564 و 566 . [4] يأتي في الصفحة 163 . [5] الإسراء (17) : 78 .