المصلحة والمفسدة ، من دون أن يحدث في المؤدّى مصلحة بسبب قيام الأمارة غير ما كان عليه من المصلحة ، بل المصلحة في تطرّق الطريق وسلوك الأمارة وتطبيق العمل على مؤدّاها والبناء على أ نّه هو الواقع ، بترتيب الآثار المترتّبة على الواقع على المؤدّى ، وبهذه المصلحة السلوكية يتدارك ما فات من المكلّف[ 1 ] ، انتهى .
أقول : وفيه مواقع للنظر :
منها : أنّ حجّيـة الأمـارة في الشرع ليس إلاّ إمضاء مـا كان في يـد العقلاء في معاشهم ومعادهم ، مـن غير أن يزيـد عليه شيئاً أو ينقص منه شيئاً . ومـن المعلوم أنّ اعتبار الأمارات لأجل كونها طريقاً للواقع فقط ، مـن دون أن يترتّب على العمل بها مصلحة وراء إيصالها إلى الواقع ، فليس قيام الأمارة عند العقلاء محدثاً للمصلحة ; لا في المؤدّى ولا في العمل بها وسلوكها . وعليه فالمصلحة السلوكية لا أساس لها .
ومنها : أ نّه لا يتصوّر لسلوك الأمارة وتطرّق الطريق معنى وراء العمل على طبق مؤدّاها ، فإذا أخبر العادل بوجوب صلاة الجمعة فليس سلوكها إلاّ العمل على مؤدّاها والإتيان به . فلا يتصوّر للسلوك وتطرّق الطريق مصلحة وراء المصلحة الموجودة في الإتيان بالمؤدّى .
وإن شئت قلت : الإتيان بالمؤدّى مع المؤدّى المحقّق في الخارج غير متغايرين إلاّ في عالم الاعتبار ، كتغاير الإيجاد والوجود . فهذه المفاهيم المصدرية النسبية لا يعقل أن تصير متّصفة بالمصلحة والمفسدة ، بل المفسدة والمصلحة قائمة بنفس الخمر والصلاة .