أنّ النهي إذا تعلّق بالعبادة أو المعاملة هل يقتضي الفساد أو لا ؟
فالمسألتان مختلفتان موضوعاً ومحمولاً ، واختلاف المسائل إنّما هو بهما أو بأحدهما ; لأنّ ذات المسائل متقوّمة بهما ، والتميّز بأمر ذاتي هو المميّز بين الشيئين في المرتبة المتقدّمة على التميّز بأمر عرضي ; فضلاً عن الاختلاف بالأغراض .
فما أفاده المحقّق الخراساني : من أنّ الميز إنّما هو في الجهة المبحوث عنها ; التي هي سراية كلّ من الأمر والنهي إلى متعلّق الآخر وعدمها في المقام ، وكون النهي ـ بعد تسليم سرايته ـ هل يوجب الفساد أو لا في غير المقام[ 1 ] .
ليس بصحيح ; لأنّ تمايز العلوم إنّما هو بذواتها ، وأنّ ميز مسألة عن اُخرى ـ وإن كانتا من مسائل علم واحد ـ إنّما هو بموضوعها ومحمولها معاً أو بأحدهما ، وإذا كانت القضية متميّزة عن اُخرى بجوهرها فلا معنى للتمسّك بما هو خارج من مرتبة الذات .
فإن قلت : إنّ الجهات التعليلية في الأحكام العقلية راجعة إلى التقييدية ، فالسراية وعدمها من قيود الموضوع لبّاً ، فالميز صار بنفس الموضوع أيضاً .
قلت : لكن القيد بما هو قيد متأخّر عن ذات المقيّد ، فيكون الاختلاف بالذات مميّزاً قبلها .
أضف إلى ذلك : أنّ الجهة المبحوث عنها ليس هو كون التعدّد في الواحد يوجب تعدّد المتعلّق أو لا ؟ أو أنّ النهي والأمر هل يسري كلّ منهما إلى متعلّق الآخر أو لا ؟ بل ما عرّفناك من جواز الاجتماع ولا جوازه ، ولذلك قلنا : إنّ النزاع كبروي لا صغروي .