إنّك إذا راجعت وجدانك وأحفيت الحقيقة من موارد استعمال ألفاظ الإشارة وأخواتها تجد : أنّ ما زعمه القوم ـ من الاُدباء وغيرهم ـ في توضيح معانيها بعيد عن الصواب ، وغير خال عن التعسّف ; إذ هم قائلون بأنّ لفظة «هذا» مثلا موضوعة لنفس المشار إليه ـ أعني المفرد المذكّر[ 1 ] ـ وإن كان بعض تعبيراتهم أيضاً يناسب ما اخترناه ، وكذلك الضمائر الغائبة ; فإنّها عندهم لأفراد الغائب على اختلافها[ 2 ] ، فعليه يكون مفادها معان اسمية مستقلّة .
هذا ، ولكن التحقيق : أ نّها موضوعة لنفس الإشارة ، أعني لإيجادها ، إمّا إلى الحاضر كما في ألفاظ الإشارة ، أو إلى الغائب كما في بعض الضمائر ، فعليه لايكون المشار إليه داخلا في معناه رأساً ، بل تمام الموضوع له فيها ليس إلاّ نفس الإشارة .
وإحضار المشار إليه في ذهن السامع ـ على اختلاف في المتعلّق ـ تبعي ، كإحضاره بإشارة الأخرس ، من غير أن يكون دخيلا في الموضوع له فالإشارة إلى الحاضر لا تتوقّف إلاّ على حضور المشار إليه حقيقة وحكماً ، كما أنّ الإشارة إلى