كلا التقديرين إلاّ ظهور فارد لا ظهورات حتّى يبقى بعضها مع سقوط البعض ، كما هو واضح .
فإن قلت : إنّ الطلب الإلزامي كما يكشف عن الإرادة الإلزامية يكشف عن الرجحان الفعلي وعن أصل الجواز ، فإذا سقطت كاشفيته بالنسبة إلى الإلزام بقيت بالنسبة إلى غيره .
قلت أوّلاً : أنّ الطلب لا يكشف إلاّ عن الإرادة الحتمية ، لكن العقل يحكم بأنّ الرجحان والجواز بمعناهما الأعمّ موجودان بوجوده ، ومع سقوط كشفه عن الإرادة الحتمية لا يبقى منكشف ولا كاشف .
وثانياً : لو فرضنا كون المنكشف متعدّداً لكنه طولي لا عرضي ; لأنّ الطلب الإلزامي يكشف عن الإرادة الحتمية ، وهي تكشف عن الرجحان ، وهو عن الجواز ، ومع الطولية لا يمكن بقاء الكاشفية . بل لو فرض العرضية لا يمكن ذلك أيضاً ; لأ نّه مع سقوط الكاشف لا مجال للكشف . نعم لو كان في المقام كواشف فبسقوط أحدها لا يسقط الآخر ، وقد عرفت بطلانه .
وأ مّا قياس المقام بالجمع بين الأمر الظاهر في الوجوب والنصّ المرخّص في تركه بحمل الأمر على الاستحباب ـ كما عرفته من القائل ـ فمن غرائب الكلام ; لأنّ قوله «لا بأس بتركه» بعد قوله «أكرم زيداً» قرينة على أنّ الأمر استعمل من أوّل الأمر في الاستحباب ، وهذا بخلاف المقام ; فإنّ المفاد والمستعمل فيه معلوم قطعاً ، والشكّ في مقدار رافعية دليل الناسخ ، فلا موضوع للجمع حتّى نبتغيه .
وإن شئت قلت : إنّ الجمع بين الأمر الظاهر في الوجوب والنصّ المرخّص في تركه بحمل الأمر على الاستحباب ليس أخذاً ببعض مراتب الظهور وتركاً ببعض مراتبه ، بل هو تحكيم النصّ على الظاهر ، وحمله على خلاف ظاهره .