لا في الاُمور الانتزاعية التي يقرب من الاُمور الاعتبارية ; وإن كان بينهما فرق محرّر في محلّه .
وما يتوهّم : من أنّ البعث يصدق على الإلزامي والاستحبابي ; صدقاً تشكيكياً ; بمعنى أنّ التفاوت بنفس البعث ، كما أنّ الاشتراك فيه ، مدفوع بأنّ التفاوت ليس بنفس البعث ، بل في منشئه الذي هو الإرادة المظهرة .
وثانياً : سلّمنا كونـه بسيطاً وذا مراتب ، لكـن لا يلزم منه إمكان ذهاب مرتبـة وبقاء اُخرى ; لأنّ كون الشيء ذا مراتب ليس معناه كون الوجود الشخصي بوحدته الشخصية ذا مراتب عديدة . ألا ترى أنّ الوجود ـ كما هو عند أهله ـ حقيقـة ذات تشكيك ، وليس لازمه أنّ وجود الواجب أيضاً ذو مراتب ، وهكذا وجود العقل .
بل معناه أنّ نفس الحقيقة إذا صدقت بعرضها العريض على أفراد مختلفة ومراتب متفاوتة بالكمال والنقص ـ ولكن الجميع يشترك مع اختلافها بالشدّة والضعف في تحقّق الحقيقة في كلّ واحد من المراتب ـ عدّ ذلك الحقيقة من الحقائق المشكّكة . وأ مّا كون خصوص مرتبة منها ذا مراتب بالفعل فأمر غير معقول .
فنقول بمثله في الوجوب ; فإنّ معنى كونه ذا مراتب هو أنّ مرتبة منه ينتزع منه الوجوب ومن مرتبة اُخرى الوجوب الأكيد ، ومن مرتبة ثالثة وجوب آكد منهما ، ومفهوم الوجوب يصدق عليها صدقاً مشكّكاً ، وأ مّا كون مرتبة خاصّة منه ذا مراتب بالفعل ممّا لا يقول به من له أدنى إلمام بالاصطلاح .
نعم ، ينتزع من الوجوب الجواز والرجحان بالمعنى الأعمّ ، ولكن لا بمعنى وجودهما في ضمنه ; وجود الجزء من المركّب في ضمن الكلّ ، بل بمعنى أنّ طبيعي الجواز والرجحان موجود بعين وجود الوجوب . فالوجوب بهذا المعنى عين وجود