من تصوّر أحد الضدّين إلى الآخر ، بل هو من باب تداعي المعاني الذي منشؤه غالباً الموافاة الوجودية أو المطاردة في الموضوع . هذا قليل من كثير ، وغيض من غدير ، وسيجيء تفصيل الكلام في محلّه .
المقدّمةالثالثة :
أ نّك قد عرفت[ 1 ] أنّ الأوامـر المتعلّقة بالطبائع لاتعرّض لها على أحوال الطبيعـة وأفرادها ، ومنه يظهر : أنّ التزاحمات الواقعة في الخارج بين أفراد الطبائع بالعرض غير ملحوظة في تلك الأدلّة ; لأنّ الحكم مجعول على العناوين الكلّية ، وهو مقدّم على التزاحم الواقع بين الأفراد برتبتين : رتبة تعلّق الحكم بالعناوين ، ورتبة فرض ابتلاء المكلّف بالواقعة ، وما له هذا الشأن من التقدّم لايتعرّض لحال ما يتأخّر عنه برتبتين .
والحاصل : أنّ التزاحم بين وجوب إزالة النجاسة عن المسجد ووجوب الصلاة ـ حيث يتحقّق ـ متأخّر عن تعلّق الحكم بموضوعاتها وعن ابتلاء المكلّف بالواقعة المتزاحم فيها ، ولايكون الأدلّة متعرّضة لحاله ; فضلا عن التعرّض لعلاجـه ; إذ قد تقدّم أنّ المطلق لايكون ناظراً إلى حالات الموضوع في نفسه ; فضلا عن حالاته مع غيره ، وعن طروّ المزاحمة بينهما ; فضلا عن أن يكون ناظراً إلى علاج المزاحمة .
هب أ نّا أغمضنا عن أنّ علاج المزاحمة متأخّر رتبة عن جعل القانون بمراتب ، إلاّ أ نّه لايمكن الإغماض عن أنّ الأمر له مادّة وهيئة ، ولا دلالة لشيء