وفرضنا أنّ السنّة دلّت على اعتبار أجزاء وشرائط ، ثمّ حكم الشارع ـ امتناناً ـ برفع ما لا يعلمون من الأجزاء والشرائط يفهم العرف أنّ كيفية إطاعة الأمر في حال الشكّ في وجوب السورة مثلا هو إتيانها بلا سورة ، وفي حال الشكّ في مانعية شيء جواز إتيانها معه . فإذا امتثله كذلك فقد امتثل قوله سبحانه (أَقِمِ الصَّلاةَ) بحكومة أدلّة الرفع على أدلّة الجزء والشرط والمانع .
وأ مّا الاستصحاب :
فمفاده متّحد مع ما مرّ من قاعدتي الحلّ والطهارة من حكومته على أدلّة الشرائط والموانع ; قائلا بأنّ الشاكّ بعد اليقين يبني عليه ، فهو متطهّر في هذا الحال ، وليس له أن يرفع اليد عن يقينه أبداً . وبعبارة اُخرى : أنّ الظاهر من دليله هو البناء العملي على بقاء المتيقّن في زمان الشكّ أو البناء العملي على وجوب ترتيب آثاره ; وإن كانت الآثار ثابتة بالأدلّة الاجتهادية .
والاستصحاب محرز موضوعها تعبّداً ; لأنّ استصحاب عدالة زيد لايثبت عدا بقاء عدالته ، وأ مّا جواز الطلاق عنده وإقامة الصلاة خلفه فلا يثبت بدليل الاستصحاب ، بل بالكبريات الكلّية الأوّلية التي هي المجعولات الأوّلية ، فيكون دليله حاكماً على الأدلّة ، فيفيد الإجزاء كما مرّ .
وأ مّا قاعدة التجاوز والفراغ :
فقد أشبعنا فيها الكلام ، وحقّقناها بما لا مزيد عليه في مباحث الوضوء وخاتمـة الاستصحاب ، وأثبتنا أنّ مفاد الأخبار هـو جعل قاعـدة واحـدة ; هي قاعـدة التجاوز لا قاعـدتين ، وأنّ مـا قيل أو يمكن أن يقال فـي إثبات كونهما