الموضع الأوّل
في إجزاء الاتيان بالمأمور به عن التعبد به ثانياً
إنّ الإتيان بالمأمور به الواقعي أو الاضطراري أو الظاهري يجزي عن التعبّد به ثانياً ; لأنّ الداعي إلى الأمر هو إتيان المأمور به بما له من القيود والحدود ، فلا يعقل بعد حصوله بقاء الطلب وعدم سقوط الأمر ، وهذا من الاُمور البديهية الفطرية ، لا يحتاج إلى إقامة برهان .
وإن كنت حريصاً على صوغه على صورة البرهان فنقول : إنّ المكلّف إذا حصّل المأمور به على وجهه لم يبق معنى لبقاء البعث بعد حصول الغرض الذي هو علّة الإرادة بماهيته ; إذ يكون حصوله موجباً لانقطاع أمد الإرادة والبعث ، فلو بقيا بعد حصوله يلزم بقاء المعلول بلا علّة .
حول تبديل الامتثال بامتثال آخر
وأ مّا ما اشتهر من جواز تبديل الامتثال بامتثال آخر فلم نقف على معنى محصّل له ; إذ لا نتصوّر تعدّد الامتثال بالنسبة إلى أمر واحد ، كما مرّت الإشارة إليه ; إذ الامتثال دائر أمره بين الوجود والعدم ، فلو حصل الامتثال بفعله مرّة فقد سقط أمره ، ولا موضوع للامتثال ثانياً ، وإن لم يحصل ، كما إذا كان الأوّل فاقداً لبعض الأجزاء والشرائط لم تصل النوبة إلى امتثال آخر .
فإن قلت : ربّما يكون الغرض باقياً مع سقوط الأمر ، كما لو أمر بإحضار