فلا ضير في الالتزام به ; إذ هذا هو الفرق بين القوانين الحقيقية الفنّية ـ كقانون الجاذبة وسير النور وأوزان الأجسام ـ وبين الاعتبارية ـ كقانون الازدواج والنظام ـ فإنّ الاُولى ثابتة محقّقة ; كشفت أو لا ، لوحظ خلافها أم لم يلحظ ، بخلاف الثانية ; فإنّ سيرها وأمَد عمرها مربوط بامتداد الاعتبار .
وأ مّا حقيقة الوضع : فهي ـ على ما يظهر من تعاريفها ـ عبارة عن جعل اللفظ للمعنى وتعيينه للدلالة عليه ، وما يرى في كلمات المحقّقين من التعبير بالاختصاص[ 1 ] أو التعهّد[ 2 ] فهو من آثار الوضع ونتائجه ، لانفسه .
وأ مّا ما اُقيم عليه من البرهان : من أ نّه لايعقل جعل العلاقة بين أمرين لا علاقة بينهما ، وإنّما المعقول هو تعهّد الواضع والتزامه بأ نّه متى أراد إفهام المعنى الفلاني تكلّم بلفظ كذا[ 3 ] ; فهو حقّ لو كان الوضع إيجاد العلاقة التكوينية ، وأ مّا على ما حقّقناه من أ نّه تعيين اللفظ للمعنى فهو بمكان من الإمكان .
بل ربّما يكون الواضع غافلا عن هذا التعهّد ، كما يتّفق أن يكون الواضع غير المستعمل ; بأن يضع اللفظ لأجل أن يستعمله الغير .
وبه يتّضح : بطلان تقسيمه إلى التعييني والتعيّني ; لأنّ الجعل والتعيين الذي هو مداره مفقود فيه .