لأ نّا نقول : إنّ الغاية من وضع المصدر واسمه إنّما هو لإمكان التنطّق بالمادّة ، من دون أن يكون لهيئتهما معنى وراء ما تفيد مادّتها .
والحاصل : أنّ المادّة وضعت لنفس الحدث ، لكن لايمكن التنطّق بها ، وربّما يقع في الخواطر إظهار ذلك ، فوضعت هيئتها لا لإفادة معنى من المعاني ، بل لكونها آلة للتنطّق بالمادّة . وبذلك يصحّح قول البصريين بأصالة المصدر ، وقول بعض الأعلام بكون الأصل هو اسم المصدر ; لأ نّهما كالمادّة بلا زيادة .
فإن قلت : إنّ لازم ذلك هو دلالة المادّة على معناها ، وإن تحقّقت في ضمن هيئة غير موضوعة .
قلت : إنّ وضع الموادّ تهيّئي للازدواج مع الهيئات الموضوعة ، وبذلك يحصل لها ضيق ذاتي ، لا مجال معه لتوهّم الدلالة ; ولو في ضمن المهملات ، وسيأتي أنّ دلالة الموادّ كنفسها ، وتحصّلها مندكّة في الصورة ، وبه يدفع هذا الإشكال .
ثمّ إنّ هنا إشكالا آخر ، أشار إليه سيّد مشايخنا ، المحقّق السيّد محمّد الفشاركي(قدس سره) ، وهو : أ نّه يلزم على القول باستقلال كلّ من المادّة والهيئة في الوضع دلالتهما على معنيين مستقلّين ، وهو خلاف الضرورة . وحديث البساطة والتركّب غير القول بتعدّد المعنى ، وهذا ممّا لم يقل به أحد[ 1 ] .
قلت : إنّ دلالة المادّة على معناها ـ كوجودها ـ مندكّة في دلالة الهيئة وتحصّلها ; بحيث لايفهم منها إلاّ معنى مندكّ في معنى الهيئة .
وبالجملة : أنّ المادّة متحصّلة بتحصّل صورتها ، وهي مركّبة معها ـ تركيباً اتّحادياً ـ ودلالتها على المعنى أيضاً كذلك . فبين معاني المشتقّات ـ كألفاظها