لعلّك تتوهّم من هذا البيان أ نّه يلزم عليه عدم إمكان التمسّك بالبراءة عند الشكّ في جزئية شيء للمأمور به ; إذ نسبة الأجزاء إلى الهيئة نسبة المحصِّل إلى المحصَّل ، والشكّ في دخالة شيء في المادّة يرجع إلى الشكّ في محقّق الهيئة البسيطة المعلومة ; من حيث المفهوم .
ولكنّك إذا نظرت إليه بعين الدقّة ترى سقوط التوهّم المذكور ; إذ فرق بين القول بأنّ الصلاة ـ مثلا ـ موضوعة للناهية عن الفحشاء والمنكر أو ما يكون ملزوم ذلك ، وبين ما ذكرنا ; إذ الهيئة الخضوعية والصلاتية مشاهدة معلومة لأفراد المسلمين ومرتكزة لأهل القبلة ، لايشكّ فيها العاكف والبادئ ، والمسمّى محقّق ولو عند فقدان ما يشكّ في وجوبه بل وعند فقدان بعض ما يعلم وجوبه أيضاً .
فحينئذ : الشكّ لايرجع إلى الشكّ في تحقّق المسمّى بل إلى شرطية شيء أو جزئيته للمأمور به ; زائداً على ما يتحقّق به المسمّى .
وإن شئت قلت : إنّ المأمور به هو الهيئة الوحدانية الحاصلة من تلك الموادّ ، من دون أن يتعلّق النظر إلى الكثرات والموادّ ، وهي متّحدة معها اتّحاد الصورة مع المادّة وليس هنا من المحصِّل والمحصَّل عين ولا أثر .
فعند ذلك إذا تعلّق الأمر بتلك الهيئة التي اتّخذت لنفسها حقيقة وحدانية يكون ذلك بعثاً إلى الأجزاء والموادّ التي تنحلّ الماهية إليها ; إذ الأمر بإيجاد صورة