بناءً على ما ذكره كثير ; إذ كونها ناهية عن الفحشاء غير كونها عمود الدين وهكذا ، فلو كان الكلّ صادراً عنها لزم أن يكون فيه حيثيات متكثّرة حسب تكثّر تلك الآثار ، مع بُعد التزامهم بجامع هذا حاله .
بل يمكن أن يقال : إنّه لا معنى لنهيها عن الفحشاء إلاّ كونها مانعة ودافعة عنها ، ومن المعلوم أنّ الفحشاء له أقسام وأنواع ، فإذن لابدّ أن تكون فيها حيثيات تكون بكلّ حيثية ناهية عن بعضها .
ودعوى : أنّ ذكر هذه الآثار في كلام الشارع من قبيل التفنّن في العبارة ، وإلاّ فالجميع يرجع إلى معنى واحد ، ويشير إلى شيء فارد ، وهو الكمال الحاصل للمصلّي بسبب عمله القربي[ 1 ] ، تخرّص على الغيب .
ومنها : ما عن بعض محقّقي العصر ; وهو أنّ الجامع لاينحصر في العنواني حتّى لا يلتزم به أحد ، ولا في المقولي حتى يقال بأنّ الصلاة مركّبة من مقولات مختلفة وهي متباينات ، ولا جامع فوق الأجناس العالية ، بل هناك جامع آخر ; وهو مرتبة خاصّة من الوجود الجامع بين تلك المقولات المتباينة الماهية . فتكون الصلاة أمراً بسيطاً خاصّاً يصدق على القليل والكثير ; لكون ما به الاشتراك عين ما به الامتياز ; فإنّ الوجود اُخذ لا بشرط .
إلى أن قال : إن قلت : بناءً على هذا يكون مفهوم الصلاة ـ مثلا ـ هو تلك الحصّة من الوجود الساري في المقولات المزبورة ، وهو فاسد .
قلت : مفهوم الصلاة ـ كسائر مفاهيم الألفاظ ـ منتزع من مطابق خارجي ، ولكن عند التحليل نقول : إنّه هو الحصّة الخاصّة المقترنة بالمقولات الخاصّة ، نحو
[1] نهاية الأفكار 1 : 84 ـ 85 ، بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي 1 : 118 ـ 119 .