و الحاصل : انه لو باشر و قام على تحصيل
الاحكام الشرعية بنفسه فهو مأمون من العتاب و العقاب , اصاب او اخطأ , لكونه خبيرا
فيما باشره , و الخبير قد يصيب و قد لا يصيب , و اما اذا رجع الى الغير و كان
الغير خاطئا في اجتهاده فلا يعذر في مراجعته لانه من المحتمل جدا عدم خطائه فيما
لو باشره بنفسه .
فان قلت : جرت سيرة العقلاء من اصحاب
الصنائع و غيرهم على خلاف ذلك , فربما يدفعون كلفة التدبر و التشخيص فى امر الى
ذمة الغير , مع كون الدافع قادرا على القيام به بنفسه .
قلت : قياس التكاليف الالهية بما جرت السيرة
عليه بين الصناعين قياس مع الفارق , فان رجوعهم الى الغير لاجل تقديم بعض الغايات
على بعض , كتقديم الاستراحة و العيش , على التعب و الوصب , او من باب الاحتياط و
الوقوف على نظر الغير , حتى يطمئن قلبه اذا حصل التوافق بين الرأيين او غير ذلك ,
مما لا مساغ لها فى الاحكام الشرعية .
و مع هذا كله , يمكن تقريب جواز رجوعه الى
الغير بمايلى : ان ملاك رجوع الجاهل الى الغير , ليس الا الغاء احتمال الخطاء و
الخلاف في نظر الغير , لكونه غالب الموافقة و كثير الاصابة , كما ان ذلك هو الملاك
في العمل بالامارات و امثالها , و هذا الملاك بعينه موجود فى الجاهل القادر على
الاستنباط , فعلية ان يدفع كلفة الاجتهاد عن نفسه نعم لو استفرغ الوسع , و صار
مؤدى نظره مخالفا لمار آه غيره لا يجوز له الرجوع اليه لكونه مخطئا في نظره . [1]
هذا و لكنه لا يخلو عن غموض , فان هذا يصح
لو كان الاختلاف بين الفقهاء طفيفا لا كثيرا , و الجاهل القادر على بذل الجهد يعلم
من نفسه انه لو تصدى