اما الاول : فتوضيحه , ان تنجز التكليف و
تعلقه بالاكثر لابد و ان يكون مفروضا حتى يحرز وجوب الاقل فعلا على كل تقدير اما
لنفسه و اما لغيره , لانه مع عدم مفروضية تنجزه و تعلقه بالاكثر لا يعقل العلم
بفعلية التكليف بالنسبة الى الاقل على كل تقدير , فان احد التقديرين كونه مقدمة
للاكثر فلو لزم من فعلية التكليف بالاقل عدم تنجز الاكثر يكون خلف الفرض .
و اما الثاني : فلأن الانحلال يستلزم عدم
تنجز التكليف على اى تقدير و هو مستلزم لعدم الانحلال فلزم من وجود الانحلال عدمه
, و هو محال فالعلم الاجمالى منجز بلا كلام .
و هيهنا تقريب ثالث : نبهنا عليه عند البحث
عن مقدمة الواجب , و هو انه اذا تولد من العلم الاجمالى علم تفصيلى لا يعقل ان
يكون ذلك العلم مبدء ا لا انحلال العلم السابق , لان قوامه بالاول , فلا يتصور
بقاء العلم التفصيلى مع زوال ما هو قوام له فلو علم اجمالا ان واحدا من الوضوء و
الصلاة واجب له و لكن دار وجوب الوضوء بين كونه نفسيا او غيريا , فلا يصح ان يقال
: ان الوضوء معلوم الوجوب تفصيلا , لكونه واجبا اما نفسيا او مقدميا , و اما الصلاة
فمشكوكة الوجوب من رأس لان العلم على وجوبه على اى تقدير انما نشأ من التحفظ
بالعلم الاجمالى , و لو رفع اليد عنه , فلا علم بوجوبه على اى تقدير .
و الجواب : ان روح هذه التقريبات واحدة , و
كلها مبنى على ان الاجزاء واجب بالوجوب الغيرى الذى يترشح من الامر بالكل , و ان
الاجزاء و الكل يختلفان عنوانا و طبيعة , و قد عرفت فساد هذه الاقوال كلها , و ان
الوجوب المتعلق بالاقل عين الوجوب المتعلق بالمركب سواء ضم اليه شي او لم يضم , و
انه لو ضم اليه شي لا يتغير حال الاقل في تعلق الامر به غير انه يكون للامر نحو
انبساط لبا بالنسبة اليه و ان لم يضم اليه شي يقف على الاقل و لا يتجاوز عنه ( هذا
على تعابير القوم ) و ان شئت قلت : لو انضم اليه شي ينحل اليه المركب و يحتج با
الامر بالمركب بالنسبة الى الزائد , و ان لم يضم فلا ينحل و لا يحتج .