و فيه ان الامر في المثال و الممثل متعاكس ,
و هو ان البياض مصداق للابيض عند العقل و دون العرف , و لكن عدم اتيان الفاسق
بالنبأ مصداق ذاتى للمفهوم عند العقل و العرف , و اما مجئى العادل بالخبر فليس من
مصاديق ذلك المفهوم عندهم , و ان فرض ان احد الضدين ينطبق عليه عدم الضد الاخر , و
يكون مصدوقا عليه ( لا مصداقا ) حسب ما اصطلحه بعض الاكابر لكنه امر خارج عن
المتفاهم العرفي الذى هو المرجع في الباب .
و اما ما ذكر في ظهور القضايا السالبة في
سلب المحمول فانه يصح لو كانت القضية , لفظية لا مفهوما من قضية منطوقة , بالدلالة
العقلية , على انه لو فرض صب هذا المفهوم في قالب اللفظ , لما فهم منه ايضا الا
كون الشرط محققا للموضوع و انتفاء التبين باعتبار انتفاء موضوعه .
ثم انه لو فرض المفهوم للاية فلا دلالة فيه
على حجية قول العادل و كونه تمام الموضوع للحجية , لان جزاء الشرط ليس هو التبين ,
فان التبين انما هو بمعنى طلب بيان الحال , و هو غير مترتب على مجئى الفاسق بنبأ
لا عقلا و لا عرفا , و الجزاء لا بد ان يكون مترتبا على الشرط , ترتب المعلول على
العلة او نحوه , فلا بد من تقدير الجزاء بان يقال : ان جائكم فاسق بنبأ فاعرضوا
عنه او لا تقبلوه و اشباههما , و انما حذف لقيامه مقامه و حينئذ يصير المفهوم على
الفرض ان جائكم عادل بنبأ فلا تعرضوا عنه , و اعتنوا به و هو اعم من كونه تمام
الموضوع او بعضه و لعل للعمل به شرائط اخر اليه كضم آخر اليه او حصول الظن بالواقع
و نحوهما .
ثم ان بعض اعاظم العصر ( قدس الله سره ) قد افاد
في تقريب الاية ما هذا حاصلة : يمكن استظهار كون الموضوع في الاية مطلق النبأ , و
الشرط هو مجئي الفاسق به , من مورد النزول , فان مورده اخبار الوليد بارتداد بنى
المصطلق , فقد اجتمع في اخباره عنوانان كونه خبرا واحدا , و كون المخبر فاسقا , و
الاية وردت لافادة كبرى كلية ليتميز الاخبار التى يجب التبين عنها عن غيرها . و قد
علق وجوب التبين فيها على كون المخبر فاسقا فيكون هو الشرط لا كون الخبر واحدا . و
لو كان الشرط ذلك