و الثانى : بتخصيصه بما قام الدليل على حجية
و لاترجيح بل الترجيح للثانى , لان الاية وردت للزجر عن اتباع غير العلم , و لا
يتم الزجر الا اذا كان ظاهرها حجية عند المخاطبين حتى يحصل لهم التزجر عند الزجر ,
و لا وجه لخروج ظاهر الاية عن هذا العمون الا كون الظواهر حجة عند العقلاء كسائر
الظنون الخاصة , و حينئذ فخروج ظاهر الاية او مطلق الظواهر دون سائر الظنون تحكم
محض لوجود النباء من العقلاء في الموردين هذا مع ان هذه الاية قابلة للتخصيص و ما
لا تقبل له راجعة الى الاصول الاعتقادية .
ثم ان بعض اعاظم العصر ( قدس الله سره ) قد
اجاب عن هذا الاشكال بما هذا حاصله :
ان نسبة الادلة الادالة على حجية الخبر
الواحد الى الايات نسبة الحكومة لا التخصيص , لكى يقال انها آبية عنه , فان تلك
الادلة تقتضى القاء احتمال الخلاف و جعل الخبر محرزا للواقع لكون حالة حال العلم
في عالم التشريع , هذا في غير السيرة العقلائية القائمة على العمل بالخبر الواحد ,
و اما السيرة فيمكن ان يقال : ان نسبتها اليها هى الورد بل التخصص , لان عمل
العقلاء بخبر الثقة ليس من العمل بالظن , لعدم التفاتهم الى احتمال المخالفة
للواقع فالعمل به خارج بالتخصص عن العمل بالظن , فلا تصلح الايات الناهية عن العمل
به , لان تكون رادعة عنها , فانه مضافا الى خروج العمل به عن موضوع الايات يلزم
منه الدور المحال لان الردع عن السيرة بها يتوقف على ان لا تكون السيرة مخصصة
لعمومها , و عدم التخصص يتوقف على الرادعية . و ان منعت عن ذلك فلا اقل من كون
السيرة حاكمة على الايات و المحكوم لا يصلح ان يكون رادعا للحاكم انتهى .
و فيه : ان ما هو آب من التخصيص انما هى
الايات الناهية عن اتباع الظن , و اما قوله سبحانه : و لا تقف ما ليس لك به علم
فقد عرفت انه عام للاصول والفروع , و قابل للتخصيص و اما حكومة الادلة الدالة على
حجية الخبر الواحد على الايات فلا اصل لها , لان الحكومة تتقوم باللفظ و ليس لسان
تلك الادلة من آياتها