الرابع : ما فى بعض الكلمات من استحالة تصور
النفس شيئين و استحالة كون اللفظ علة لحضور معنيين فى الذهن , لحديث امتناع صدور
الكثير عن الواحد .
و انت خبير بانه تلفيق محض , اذ البداهة
قاضية بصحة تصور الشيئين و الا لما صح التصديق بكون شى شيئا , اذ لابد عند الاذعان
من تصور الطرفين معا , كما ان التمسك بالقاعدة العقلية فى امثال هذه الموارد ,
اوهن من بيت العنكبوت , اذ الدلالة ليست من قبيل صدور شى عن شى مع انها لو كانت من
هذا القبيل لا يمكن اجراء القاعدة فيها اذ هى مختصة بالبسيط من جميع الجهات .
ثم ان هناك تفصيلا اعجب من اصل القول
بالامتناع قال به بعض محققى العصر ( قدس سره ) و هو انه اختار الامتناع فيما لوحظ
كل واحد من المعنيين بلحاظ خاص به , لبعض الوجوه السابقة , و الجواز فيما كان
اللفظ حاكيا عن مفهومين ملحوظين بلحاظ واحد - و هذا من عجيب القول , اذ وحدة
اللحاظ مع تعدد المعنى ان كانت لاجل وقوع المعنيين تحت جامع وحدانى تجمع ما تفرق ,
بلحاظ واحد , فقد اسمعناك فى صدر المبحث انه خارج من حريم النزاع - و ان كان مع
كون كل من المعنيين ملحوظا بحياله و مستعملا فيه و مع ذلك يكونان ملحوظين بلحاظ
واحد , فهو غير قابل للقبول بل مدفوع بالموازين العلمية - اذ فرض كون الشيئين
موجودين بنعت الكثرة فى الذهن مع وحدة اللحاظ , فرض وحدة الكثير مع كثرته .
و الحاصل ان لحاظ النفس ليس الا علمها بالشى
و تصورها اياه فلو وقع المعلوم بنعت الكثرة فى لوح النفس و صفحة الادراك فقد وقع
العلم عليه كذلك , اذ التصور و الادراك و ما رادفهما من سنخ الوجود فى عالم الذهن
و لا معنى لوجود المتكثر بما هو متكثر بوجود واحد - فتلخص انه لا مانع من استعمال
اللفظ فى اكثر من معنى واحد عقلا , و اما المنع من جهة القواعد الادبية او من جهة
اشتراط الواضع فضعيف جدا لا ينبغى البحث عنه - و اما ما ورد من ان للقرآن سبعين
بطنا فمن غوامض الكلام لا يقف على مغزاه الا الخائض فى لجج العلم و بحار المعارف
فليطلب عن مواضعه , و على كل حال لا يرتبط بالمقام .