بالذات فلبعض اجزائها تقدم على البعض و هو
تقدم يعبر عنه فى الاصطلاح بواقع التقدم و ليس عنوان التقدم و مفهومه , اذ عنوان
التقدم و التأخر من المفاهيم المتضائفة , ولا يعقل انتزاع التقدم فعلا بلا انتزاع
رديفه , كما ان انتزاع التأخر من الغد حين انتزاع التقدم من اليوم يستلزم وجود امر
انتزاعى بلا منشأ انتزاعه و هو خلف الا ان يرجع الى امر عرفى سيوافيك بيانه , فظهر
ان انتزاع التقدم بعنوانه من المتقدم فقط يستلزم وجود احد المتضائفين بدون الاخر ,
و الحال ان المتضائفين متكافأن قوة و فعلا , و انتزاع كليهما يستلزم وجود امر
انتزاعى فعلا بلا وجود منشائه .
فان قلت : نرى بديهة صدق قولنا لدى العرف
بان اليوم متقدم على الغد , و صدق قولنا ان الغد متاخر , فهذا يكشف عن بطلان كلتا
القاعدتين (( قلت )) الكلام ههنا فى حكم العقل و مقتضى البرهان لا العرف , ولا ريب
فى ان مقتضى العقل و البرهان تكافؤ , المتضائفين قوة و فعلا , و عدم امكان اتصاف
المعدوم بشى , و سيأتى حال حكم العرف فانتظر .
(( و الحاصل
)) ان هذه القطعة الموهومة من الزمان , (( لان الزمان لا ينقسم الا وهما كما ثبت
فى محله )) له التقدم بالذات اذا كان القطعة الاخرى موجودة فى محله , و لم ينقطع
عمود الزمان عليها , بل جرى على منواله و طبعه , (( ولا يتوهم )) من ذلك ان لما
يأتى من الاجزاء تاثيرا فى كون هذه القطعة متقدمة بالطبع مع ان تأثير المعدوم فى
الموجود واضح الفساد , (( اذ المراد )) ان جوهر الزمان و سنخ وجوده , جوهر و سنخ
مخصوص يكون بعضه متقدما جوهرا , و بعضه متأخرا عنه ذاتا بحيث يكون كل من التقدم و
التاخر عين ذاته كما هو الحال فى بعض الاقسام من المقول بالتشكيك .
فتلخص ان الزمان و ما شابهه امر متصرم الذات
و منقض بالحقيقة له تقدم و تاخر بالذات لا بالمعنى الاضافى المقولى , و ان كان
عنوان التقدم و التاخر من الامور الاضافية , و لا يلزم ان يكون مصداق المعنى
الاضافى اضافيا كالعلة و المعلول , فان عنوانهما من الامور الاضافية و لكن المنطبق
بالفتح عليهما اعنى ذات المبدء تعالى و