بعد ما عرفت ان الضرار , بمعنى الضرر لا
بمعني المجازات , لكن بينهما فرق من ناحية اخري و هو ان الضرر و الضر و الا ضرار و
ما يشتق منهما انما يستعمل فى الضرر المالى و النفسى بخلاف الضرار فان الشايع من
استعماله , هو استعماله فى التضييق و الحرج و ايراد المكروه و ايقاع الكلفة , و
الظاهر ان هذا هو المراد من موارد فى الذكر الحكيم و اليك بيانها .
منها : قوله عزو جل : و لا تضار والدة
بولدها و لا مولود له بولده , فقد فسره الامام بقوله : لا ينبغى للرجل ان يمتنع من
جماع المرئة فيضار بها اذا كان لها ولد مرتضع و يقول لها لا اقربك فانى اخاف عليك
الحبل فتقتلى ولدى و كذلك المرئة لا يحل لها ان تمنع على الرجل فتقول انى اخاف ان
احبل فاقتل ولدي , و هذه المضارة فى الجماع على الرجل و المرئة و مثله غيره , و قد
فسر الامام ابو عبدالله عليه السلام المضارة بالام في رواية اخرى بنزع الولد عنها
, و حكاه في مجمع البحرين بقوله : اى لا تضار بنزع الرجل الولد عنها و لا تضار
الامر الاب فلا ترضعه , و عنه عليه السلام : المطلقة الحبلى ينفق عليها حتى تضع
حملها و هى احق بولدها ان ترضعه بما تقبله امرئة اخرى يقول الله عزوجل لا تضار و
الدة بولدها , و لا مولود له بولده و على الوارث مثل ذلك لا يضار بالضبى و لا يضار
بامه في رضاعه .
فهذه الروايات تعطى ان المضارة فى الاية
ليست بمعنى الضرر المالى و النفسى بل بمعنى ايقاع كل من الرجل و المرئة عديله فى
الحرج و المشقة , بترك الجماع , و نزع الولد .
و اما قوله تعالى :و الذين اتخذوا مسجدا ضرارا و كفرا و تفريقا بين
المؤمنين ,فاللائح منه كون الضرار بهذا المعنى بتفريق شملهم , و ادخال الشك فى
قلوبهم , و التزلزل فى عقائدهم , و اليك ما روى في وجه نزوله رواه في الصافي