أما بلحاظ الأول فعلى مسلك قبح العقاب
بلا بيان لا شك فى جريان البراءة عن كل من الوجوب والحرمة ، وعلى مسلك حق الطاعة
يكون كل من الاحتمالين منجزا فى نفسه ، ولكنهما يتزاحمان فى التنجيز ، لاستحالة
تنجيزهما معا ، وتنجيز أحدهما دون الاخر ترجيح بلا مرجح ، فتبطل منجزيتهما معا
وتجرى البراءة أيضا.
وأما باللحاظ الثانى فأدلة البراءة
الشرعة ى شاملة للمورد باطلاقها ، وعليه فالفارق بين هذا الشك وما سبق من شك ان
هذا مورد للبراءة عقلا وشعرا معا حتى على مسلك حق الطاعة بخلاف الشك المقتدم.
٢ ـ دوران
الأمر بين المحذورين :
وهو الشك المقرون بالعلم الاجمالى بجنس
الالزام ، وتوضيح الحال فيه : ان هذا العلم الاجمالى يستحيل أن يكون منجزا ، لأن
تنجيزه لوجوب الموافقة القطعية غير ممكن ، لأنها غير مقدورة ، وتنجيزه لحرمة
المخالفة القطعية ممتنع أيضا ، لانها غير ممكنة ، وتنجيزه لأحد التكليفين
المحتملين بالخصوص دون الاخر غير معقول ، لان نسبة العلم الاجمالى اليهما نسبة
واحدة.
وبهذا يتبرهن عدم كون العلم الاجمالى منجزا.
ولكن هل تجرى البراءة العقلية والشرعة ى
عن الوجوب المشكوك والحرمة المشكوكة أو لا؟ ... سؤال اختلف
الاصوليون فى الاجابة عليه ، فهناك من قال بجريانها ، إذ ما دام العلم الاجمالى
غير منجز فلا يمكن أن يكون مانعا عن جريان البراءة عقلا وشرعا. وهناك من قال بعدم
جريان البراءة على الرغم من عدم منجزية العلم الاجمالى. واثيرت عدة