وقد عرفت فى حلقة سابقة [١] ان هذا الكلام مصادرة ، لأن عدم
المقتضى فرع ضيق دائرة حق الطاعة وعدم شمولها عقلا للتكاليف المشكوكة ، لوضوح انه
مع الشمول يكون المقتضى للتحرك موجودا ، فينتهى البحث الى تحديد دائرة حق الطاعة.
الثانى : الاستشهاد بالاعراف العقلائية. وقد تقدم أيضا [٢] الجواب : بالتمييز بين المولوية المجعولة
والمولوية الحقيقية.
الثالث : ما ذكره المحقق الاصفهانى رحمه
الله [٣] من أن كل
احكام العقل العملى مردها الى حكمه الرئيسى الأولى بقبح الظلم وحسن العدل. ونحن نلاحظ ان
مخالفة ما قامت عليه الحجة خروج عن رسم العبودية وهو ظلم من العبد لمولاه ، فيستحق
منه الذم والعقاب.
وان مخالفة ما لم تقم عليه الحجة ليست من افراد الظلم ، إذ ليس من زى العبودية أن
لا يخالف العبد مولاه فى الواقع وفى نفس الأمر ، فلا يكون ذلك ظلما للمولى ، وعليه
فلا موجب للعقاب ، بل يقبح ، وبذلك يثبت قبح العقاب بلا بيان.
والتحقيق إن ادعاء كون حكم العقل بقبح
الظلم هو الاساس لا حكام العقل العملى بالقبح عموما ، وانها كلها تطبيقات له .. وإن كان هو المشهور
والمتداول فى كلماته وكلمات غيره من المحققين ، إلا انه لا مصحل له ، لأننا اذا
حللنا نفس مفهوم الظلم وجدنا انه عبارة عن الاعتداء وسلب الغير حقه ، وهذا يعنى
افتراض ثبوت حق فى المرتبة السابقة ، وهذا الحق بنفسه من مدركات العقل العملى. فلو لا أن للمنعم