وقد لوحظ ان الصلاة ونحوها من الواجبات
لم يوجبها الشارع إلا لما يترتب عليها من الفوائد والمصالح ، وهى مغارة وجودا لتلك
الفوائد والمصالح ، فيصدق عليها انها وجبت للغير ، وهذا يعنى ان كل هذه الواجبات
تصبح غيرية ولا يبقى فى نطاق الواجب النفسى إلا ما كانت مصلحته ذاتية له ،
كالايمان بالله سبحانه وتعالى.
وأجاب هؤلاء على الملاحظة المذكة ر بأن
الصلاة وإن كانت واجبة من أجل المصلحة المترتبة عليهاإلا ان هذا لا يدرجها فى
تعريف الواجب الغيرى ، لأن الواجب الغيرى ليس كل ما وجب لغيره ، بل ما وجب لواجب
آخر.
والمصلحة الملحوظة فى ايجبا الصلاة ليست متعلقا للوجوب بنفسها ، فلا يصدق على
الصلاة انها وجبت لواجب آخر.
فان سألت : كيف لا تكون تلك المصلحة
واجبة مع ان الصلاة الواجبة انما اوجبت من أدلها؟
كان الجواب : ان الايجاب مرجعه الى
الاعتبار والجعل الذى هو العنصر الثالث من عناصر تكوين الحكم فى مقام الثبوت ،
وغاية الواجب انما يجب ان تكون مشاركة للواجب بدرجة أقوى فى عالم الحب والارادة ،
لأن حبه إنما هو لأجلها ، لا فى عالم الجعل الاعتبار. لأن الجعل قد يحدد
به المولى مركز حق الطاعة على نحو يكون مغايرا لمركز حب الاصيل ، لما تقدم فى
بداية هذه الحلقة من ان المولى له أن يحدد مركز حق الطاعة فى مقدمات مراده الاصيل
بجعل الايجاب عليها ، لا عليه ، فتكون هى الواجبة فى عالم الجعل ، دونه.
وعلى هذا فاذا جعل الشارع الايجاب على الصلاة
ابتداء وحددها