وهناك من يذهب من
العلماء ـ كصاحب الكفاية رحمهالله[١] ـ إلى أنّ النسبة التي تدلّ عليها « بعتُ » في حال الإخبار
و « بعتُ » في حال الإنشاء واحدة ، ولا يوجد أيّ فرقٍ في مرحلة المدلول التصوّري
بين الجملتين ، وإنّما الفرق في مرحلة المدلول التصديقي ؛ لأنّ البائع يقصد
بالجملة إبراز اعتبار التمليك بها وإنشاء المعاوضة عن هذا الطريق ، وغير البائع
يقصد بالجملة الحكاية عن مضمونها ، فالمدلول التصديقيّ مختلف دون المدلول
التصوّري.
ومن الواضح أنّ
هذا الكلام إذا تعقّلناه فإنّما يتمّ في الجملة المشتركة بلفظٍ واحدٍ بين الإنشاء
والإخبار ، كما في « بعتُ » ، ولا يمكن أن ينطبق على ما يختصّ به الإنشاء أو
الإخبار من جمل. فصيغة الأمر ـ مثلاً ـ جملة إنشائية ولا تستعمل للحكاية عن وقوع
الحدث ، وإنّما تدلّ على طلب وقوعه ، ولا يمكن القول هنا بأنّ المدلول التصوريّ لـ
« افعل » نفس المدلول التصوّري للجملة الخبرية ، وأنّ الفرق بينهما في المدلول
التصديقي فقط. والدليل على عدم إمكان هذا القول : أنَّا نحسّ بالفرق بين الجملتين
حتّى في حالة تجرّدهما عن المدلول التصديقي وسماعهما من لافظٍ لا شعور له.
الدلالات التي يبحث عنها علم الاصول :
نستطيع أن نقسّم
العناصر اللغوية من وجهة نظرٍ اصوليةٍ إلى عناصر مشتركةٍ في عملية الاستنباط ،
وعناصر خاصّةٍ في تلك العملية.
فالعناصر المشتركة
هي : كلّ أداةٍ لغويةٍ تصلح للدخول في ايِّ دليلٍ مهما كان نوع الموضوع الذي يعالجه
ذلك الدليل ، ومثاله : صيغة فعل الأمر ، فإنّ بالإمكان استخدامها بالنسبة إلى أيِّ
موضوع.