نستخلص ممّا تقدّم
: أنّ اللغة يمكن تصنيفها من وجهة نظرٍ تحليليةٍ إلى فئتين : إحداهما : فئة
المعاني الاسمية ، وتدخل في هذه الفئة الأسماء ، وموادّ الأفعال. والاخرى : فئة
المعاني الحرفية ـ أي الروابط ـ وتدخل فيها الحروف ، وهيئات الأفعال ، وهيئات
الجمل.
الجملة التامّة والجملة الناقصة :
وإذا لاحظنا الجمل
وجدنا أنّ بعض الجمل تدلّ على معنىً مكتملٍ يمكن للمتكلّم الإخبار عنه ، ويمكن
للسامع تصديقه أو تكذيبه ، وبعض الجمل ناقصة لا يتأتّى فيها ذلك ، وكأنّها في قوّة
الكلمة الواحدة ، فحينما تقول : « المفيد العالم » نبقى ننتظر كما لو قلت : « المفيد
» وسكتَّ على ذلك ، بخلاف ما إذا قلت : « المفيد عالم » فإنّ الجملة حينئذٍ مكتملة
وتامّة.
ومردّ الفرق بين
الجملة التامّة والجملة الناقصة إلى نوع الربط الذي تدلّ عليه هيئة الجملة وسنخ
النسبة ، فهيئة الجملة الناقصة تدلّ على نسبةٍ اندماجية ، أي يندمج فيها الوصف
بالموصوف على نحوٍ يصبح المجموع مفهوماً واحداً خاصّاً وحصّةً خاصّة ، ومن أجل ذلك
تكون الجملة الناقصة في قوّة الكلمة المفردة. وأمّا الجملة التامّة فهي تدلّ على
نسبةٍ غير اندماجيةٍ يبقى فيها الطرفان متميِّزين أحدهما عن الآخر ، ويكون أمام
الذهن شيئان بينهما ارتباط ، كالمبتدأ والخبر.
وقد تشتمل الجملة
الواحدة على نسبٍ اندماجيةٍ وغير اندماجية ، كما في قولنا : « المفيد العالم
مدرِّس » فإنّ النسبة بين الوصف والموصوف المبتدأ اندماجية ، والنسبة بين المبتدأ
والخبر غير اندماجية ، وتمامية الجملة نشأت من اشتمالها على النسبة الثانية.