والثانى سلسلة مقدمات الوجوب ، وهى
الاستطاعة التى تدخل فى تكوين موضوع وجوب الحج ، والتكسب الذى تتوقف عليه
الاستطاعة ، وذهاب الشخص إلى محله فى السوق الذى يتوقف عليه التكسب.
وموقف الوجوب من هذه السلسلة الثانية وكل
ما يندرج فى القسم الثانى من المقدمات سلبى دائما ، لان هذا القسم يتوقف عليه وجود
موضوع الحكم ، وقد عرفنا سابقا أن الوجوب لا يمكن أن يدعو إلى موضوعه. وتسمى كل
مقدمة من هذا القسم « مقدمة وجوب » أو « مقدمة وجوبية ».
وأما السلسلة الاولى والمقدمات التى
تندرج فى القسم الاول ، فالمكلف مسؤول عن إيجادها ، أى إن المكلف بالصلاة مثلا
مسؤول عن الوضوء لكى يصلى ، والمكلف بالحج مسؤول عن السفر لكى يحج ، والمكلف
بالجهاد مسؤول عن التسلح لكى يجاهد.
والنقطة التى درسها الاصوليون هى نوع
هذه المسؤولية ، فقد قدموا لها تفسيرين :
أحدهما أن الواجب شرعا على المكلف هو الصلاة
فحسب دون مقدماتها من الوضوء ومقدماته ، وإنما يجد المكلف نفسه مسؤولا عن إيجاد
الوضوء وغيره من المقدمات عقلا ، لانه يرى أن امتثال الواجب الشرعى لا يتأتى له
إلا بايجاد تلك المقدمات.
والاخر أن الوضوء واجب شرعا لانه مقدمة
للواجب ، ومقدمة الواجب واجبة شرعا ، فهناك إذن واجبان شرعيان على المكلف : أحدهما
الصلاة ، والاخر الوضوء بوصفه مقدمة الصلاة. ويسمى الاول بـ « الواجب النفسى » ،
لانه واجب لاجل نفسه. ويسمى الثانى