لِمَنْ قَالَ لَهُ لَعَنَ اللهُ نَاقَةً حَمَلَتْنِي إِلَيْكَ : « إِنْ وَرَاكِبَهَا » أي نعم ولعن الله راكبها.
وأما أَنَ المفتوحة المشددة فتكون بمعنى المصدر كقوله تعالى (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ
مُخْرَجُونَ ) [ ٢٣ / ٣٥ ].
قال سيبويه : أنَ الثانية مبدلة من أَنَ الأولى ، والمعنى أَنَّكُمْ مخرجون إذا متم.
قال الفراء والمبرد
: أَنَ الثانية مكررة للتوكيد
لما طال الكلام كان تكريرها حسنا.
وهي في العربية
على وجهين أيضا.
« أحدهما » ـ التوكيد
كالمكسورة ،
و « الثانية » ـ
أن تكون لغة في لعل ، وعليه حمل قراءة من قرأ (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ ) [ ٦ / ١٠٩ ] قال الجوهري : وفي قراءة أبي : لعلها ، وَفِي حَدِيثِ التَّلْبِيَةَ
« لَبَّيْكَ إِنَ الْحَمْدَ لَكَ
» بكسر الهمزة على معنى الاستيناف ، وربما فتحت على تأويل : بأَنَ الْحَمْدَ لَكَ.
وأما أَنَّى بتشديد النون والألف ، فيكون شرطا في الأمكنة بمعنى أين.
ويكون استفهاما
بمعنى ثلاث كلمات ، وهي « متى وأين وكيف ».
قال في الارتشاف
ـ نقلا عنه ـ : إلا أنها بمعنى « من أين » بزيادة حرف الجر على الابتداء ، لا بمعنى أين وحدها ، ألا
ترى أَنَ مريم عليهاالسلام لما قيل لها (أَنَّى لَكِ هذا ) [ ٣ / ٣٧ ] أجابت (هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ) ولم تقل هو عند الله ، بل لو أجابت به لم يحصل المقصود.
وقد فسرت في قوله
تعالى (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) [ ٢ / ٢٢٣ ] بثلاثة معان : كيف شئتم ، وحيث شئتم ، ومتى شئتم.
واقتصر الجوهري
من ذلك على معنيين. قال علي بن إبراهيم : وتأولت العامة (أَنَّى شِئْتُمْ ) في القبل والدبر ، وقَالَ الصَّادِقُ عليهالسلام(أَنَّى شِئْتُمْ ) فِي الْفَرْجِ. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) [ ٢ / ٢٢٣ ] فَالْحَرْثُ الزَّرْعُ