والسبب في طول
الأمل ـ كما قيل ـ حب الدنيا ، فإن الإنسان إذا أنس بها وبلذاتها ثقل عليه
مفارقتها وأحب دوامها فلا يفتكر بالموت الذي هو سبب مفارقتها ، فإن من أحب شيئا
كره الفكر فيما يزيله ويبطله ، فلا زال يمني نفسه البقاء في الدنيا ويقدر حصول ما
يحتاج إليه من أهل ومال وأدوات ، فيصير فكره مستغرقا في ذلك فلا يخطر الموت بخاطره
وإن خطر بباله التوبة والإقبال على الأعمال الأخروية أخر ذلك من يوم إلى يوم ومن
شهر إلى شهر ومن سنة إلى سنة ، فيقول إلى أن أكتهل ويزول سن الشباب عني فإذا اكتهل
قال إلى أن أصير شيخا فإذا شاخ قال إلى أن أتمم عمارة هذه الدار وأزوج ولدي وإلى
أن أرجع من هذا السفر.
وهكذا يؤخر
التوبة شهرا بعد شهر وسنة بعد سنة.
[١] أسامة بن زيد بن
حارثة ممن أكرمه النبي صلى الله عليه واله بكثير الحباء وأردفه خلفه حين ذهابه إلى
مكة وولاه إمرة الجيش في آخر حياته صلى الله عليه واله لكنه لم يثبت على الطريقة الوسطى
فانخرط أخيرا مع مناوئي أهل البيت عليهم السلام.