العرب توصل بهذه الحروف كلها الفعل ، يقال لما يقع في النفس من عمل الخير
إلهام وما لا خير فيه وَسْوَاسٌ
، ولما يقع من الخوف
إيجاس ، ولما يقع من تقدير ينل الخير أمل ، ولما يقع ما لا يكون للإنسان ولا عليه
خاطر. والْوَسْوَاسُ بفتح الواو : الشيطان ، وهو الخناس أيضا لأنه يُوَسْوِسُ في صدور الناس ويخنس. والْوِسْوَاسُ
بالكسر والْوَسْوَسَةُ مصدران والْوَسْوَسَةُ : حديث النفس ، يقال وَسْوَسَتْ
إليه نفسُهُ وَسْوَسَةً ووِسْوَاساً. قوله : ( مِنْ شَرِّ
الْوَسْواسِ ) [ ١١٤ / ٤ ] قال الشيخ أبو علي فيه أقوال : « أحدها » ـ
أن معناه الْوَسْوَسَةُ الواقعة من الجنة. و « ثانيها » ـ أن معناه من شر ذي الْوَسْوَاسِ وهو الشيطان كما جاء في الأثر أنه يُوَسْوِسُ فإذا ذكر العبد الله خنس ، ثم وصفه الله تعالى بقوله ( الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ) أي بالكلام الخفي الذي يصل مفهومه إلى قلوبهم من غير
سماع. ثم ذكر أن هذا الشيطان ( الَّذِي يُوَسْوِسُ
فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ ) ، وهو الشيطان كما قاله تعالى ( إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ ) ثم عطف بقوله : ( وَالنَّاسِ ) على الْوَسْوَاسِ
، والمعنى من شر الْوَسْوَاسِ ومن شر الناس ، كأنه أمر أن يستعيذ من الجن والإنس. و « ثالثها
» ـ أن معناه من شر ذي الْوَسْوَاسِ
الخناس ، ثم فسره
بقوله ( مِنَ الْجِنَّةِ
وَالنَّاسِ ) ، وعلى هذا فيكون المراد من وَسْوَاسِ الجِنَّةِ
وَسْوَاسِ الشيطان ، ومن وَسْوَاسِ الإنس ما
وسوسه الإنسان من
نفسه وإغواء ما يغويه من الناس. ويدل عليه قوله : ( شَياطِينَ الْإِنْسِ
وَالْجِنِ )[١]. وقال جامع
العلوم النحوي في تفسير هذه السورة : ليس في قوله ( النَّاسِ ) تكرارا ، لأن المراد بالأول الأجنة ، ولهذا قال ( بِرَبِّ النَّاسِ ) والمراد