قوله « مُجَنَّدَةٌ » أي مجموعة كما يقال ألوف مؤلفة وقناطر مقنطرة ، ومعناه
الإخبار عن مبدإ كون الأرواح وتقدمها الأجساد ، أي أنها خلقت أول خلقها من ائتلاف واختلاف
كالجنود ، والمجموعة إذا تقابلت وتواجهت ، ومعنى تقابل الأرواح ما جعلها الله عليه
من السعادة والشقاوة والاختلاف في مبدإ الخلق ، يقال إن الأجساد التي فيها الأرواح
تلتقي في الدنيا فتأتلف وتختلف على حسب ما خلقت عليه ، ولهذا ترى الخير يحب الأخيار
ويميل إليهم والشرير يحب الأشرار ويميل إليهم. وعن الشيخ المفيد المعنى فيه أن الأرواح
التي هي البسائط تتناظر بالجنس وتتجادل بالعوارض ، فما تعارف منها باتفاق الرأي والهوى
ائتلف ، وما تناكر منها بمباينة في الرأي والهوى اختلف ، وهذا موجود حسا ومشاهدة ،
وليس يعني بذلك ما تعارف منها في الذر ائتلف كما يذهب إليه الحشوية ، لما بيناه من
أنه لا علم للإنسان بحال كان يعلمها قبل ظهوره في هذا العالم ـ انتهى كلامه ، وفيه
نظر.