قوله تعالى : ( تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ ) أي ترفع وتنبو عن الفرش ، يقال : « تَجَافَى جنبه عن الفراش » إذا لم يستقرّ عليه من خوف أو وجع أو
همّ.
قال الشيخ أبو
علي (ره) : وهم المتهجدون بالليل الذين يقومون لصلاة الليل ، يدعون ربّهم لأجل
خوفهم من سخطه وطمعهم في رحمته ، قال : وَعَنْ بِلَالٍ عَنِ النَّبِيِّ (ص) : « عَلَيْكُمْ
بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ ، وَإِنَّ قِيَامَ
اللَّيْلِ قُرْبَةٌ إِلَى اللهِ ، وَمَنْهَاةٌ عَنِ الْإِثْمِ ، وَمَكْفَرَةٌ عَنِ
السَّيِّئَاتِ ، وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنِ الْجَسَدِ ».
ومنه قوله
تعالى : ( فَأَمَّا الزَّبَدُ
فَيَذْهَبُ جُفاءً ).
والْجُفَاءُ : ما رمى به السيل والقذى من الزبد.
وفِي الْخَبَرَ
: « خَلَقَ اللهُ الْأَرْضَ السُّفْلَى مِنَ الْأَرْضِ الْجُفَاءِ ». أي من زبد اجتمع.
وفِيهِ ـ وَقَدْ
قِيلَ لَهُ مَتَى تَحِلُّ الْمَيْتَةُ ـ « قَالَ : مَا لَمْ تَجْتَفِئُوا بَقْلاً ». أي تقتلعوه وترموا به ، من « جَفَأَتِ القدر » إذا رمت بما يجتمع على رأسها من الزبد والوسخ ،
وفيه نسخ لا طائل بذكرها.
وفِي حَدِيثِ
الْمَسْبُوقِ بِالصَّلَاةِ : « إِذَا جَلَسَ يَتَجَافَى
وَلَا يَتَمَكَّنُ
مِنَ الْقُعُودِ ». أي يرتفع عن الأرض ويجلس مقعيا غير متمكن ، لأنه أقرب إلى
القيام.
وفِيهِ : « أَنَّهُ
(ع) كَانَ يُجَافِي عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ لِلسُّجُودِ ». أي يباعدهما
عن جنبيه ولا يلصقهما بهما.
ومِنْهُ : « إِذَا
سَجَدْتَ فَتَجَافَ ». أي ارتفع عن الأرض ولا تلصق جؤجؤك بها.
وفِيهِ : « الِاسْتِنْجَاءُ
بِالْيَمِينِ مِنَ الْجَفَاءِ ». أي فيه بعد عن الآداب الشرعية.
و « تَجَافُوا عن الدنيا » أي تباعدوا عنها واتركوها لأهلها.