مع أن ما ينفق في الحج المستحب فعلمه بحسب التخمين عشر باقي الصدقات من
الزكوات والأخماس والإنعامات ونحوها ، فإذا كان عشر تصدقاته في سنة واحدة هذا
المقدار العظيم فما ظنك في جميع خرجه في كل السنة ، وأعجب من ذلك أن كل هذا من
الحلال ، فإن الرجل ثقة لا يقرب الحرام ، وظني أن الكاظم (ع) كان قد أحل له التصرف
في الخراج ، وهو ـ رضياللهعنه ـ جعل أجرة الحج وسيلة لدفع مثل هذا المال للشيعة لئلا
يطعن عليه أعداؤه.
وفيه : « الدِّرْهَمُ
الْوَافِي ». والمراد به التام الذي لا نقصان فيه. واسْتَوْفَى حقه : إذا أخذه وَافِياً تماما.
( وقا )
قوله تعالى : ( اتَّقُوا اللهَ حَقَ تُقاتِهِ ) [ ٣ / ١٠٢ ] قال الشيخ أبو علي فيه وجوه ثلاثة : (
أحدها ) ـ وهو أحسنها ـ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى وَيُشْكَرَ
فَلَا يُكْفَرَ وَيُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ
اللهِ عليه السلام [١]
و ( ثانيها ) اتَّقَاءُ جميع معاصيه ـ عن أبي علي الجبائي. و ( ثالثها ) أنه
المجاهدة في الله وأن لا تأخذه في الله لومة لائم وأن يقام له بالقسط في الخوف
والأمن ـ عن مجاهد. ثم اختلف فيه على قولين :
و ( الآخر ) أَنَّهُ
غَيْرُ مَنْسُوخٍ ـ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَطَاوُسٍ وأنكر الجبائي نسخ الآية لما
فيه من إِبَاحَةِ ـ بعض المعاصي قال الرماني : والذي عندي أنه إذا وجه قوله تعالى
: ( اتَّقُوا اللهَ حَقَ
تُقاتِهِ ) على أن تقوموا له بالحق والخوف والأمن : فلم يدخل عليه
ما ذكره أبو علي ، لأنه لا يمتنع أن يكون أوجب عليهم أن يَتَّقُوا الله على كل حال ثم أباح ترك الواجب