و « أعوذ بك من
سوء الْقَضَاءِ » يعني المقضي ، إذ حكم الله من حيث هو حكمه كله حسن لا سوء فيه.
و « الْقَضَاءُ
» قال الجوهري : أصله
قضاي لأنه من قضيت ، إلا أن الياء لما جاءت بعد الألف همزت ، والجمع الأقضية
والقضية مثله ، والجمع قضايا على فعالى وأصله فعائل ـ انتهى.
و « القضاء
المقرون بالقدر » وقيل : المراد به الخلق نحو ( فَقَضاهُنَ سَبْعَ
سَماواتٍ ) وبالقدر التقدير ، فهما متلازمان لا ينفك أحدهما عن
الآخر لأن أحدهما كالأساس وهو القدر والآخر بمنزلة البناء وهو القضاء ، ويؤيده قَوْلُهُ
(ع) : « الْقَضَاءُ الْإِبْرَامُ وَإِقَامَةُ الْعَيْنِ ». وَقَوْلُهُ (ع)
: « وإِذَا قَضَى أَمْضَى وَهُوَ الَّذِي لَا مَرَدَّ لَهُ ». وَفِي
حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) مَعَ الشَّيْخِ الَّذِي سَأَلَهُ عَنِ الْمَسِيرِ إِلَى
أَهْلِ الشَّامِ حَيْثُ قَالَ لَهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنَا عَنْ
مَسِيرِنَا إِلَى أَهْلِ الشَّامِ أَبِقَضَاءٍ مِنَ اللهِ وَقَدَرٍ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (ع) : « يَا
شَيْخُ مَا عَلَوْتُمْ تَلْعَةً وَلَا هَبَطْتُمْ بَطْنَ وَادٍ إِلَّا بِقَضَاءٍ مِنَ اللهِ وَقَدَرٍ » فَقَالَ الشَّيْخُ : عِنْدَ
اللهِ أَحْتَسِبُ عَنَائِي ، فَقَالَ عَلِيٌّ (ع) : « وتَظُنُّ أَنَّهُ كَانَ قَضَاءً حَتْماً وَقَدَراً لَازِماً إِنَّهُ لَوْ كَانَ
كَذَلِكَ لَبَطَلَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالزَّجْرُ
مِنَ اللهِ وَسَقَطَ مَعْنَى الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ ، فَلَمْ تَكُنْ لَائِمَةٌ
لِلْمُذْنِبِ وَلَا مَحْمَدَةٌ لِلْمُحْسِنِ ، تِلْكَ مَقَالَةُ إِخْوَانِ
عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَخُصَمَاءِ الرَّحْمَنِ ، وَقَدَرِيَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ
» [١]. قال بعض الأفاضل : قَوْلُهُ « تِلْكَ مَقَالَةُ إِخْوَانِ عَبَدَةِ
الْأَوْثَانِ ». إشارة إلى الأشاعرة قَوْلُهُ « وقَدَرِيَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ».
إشارة إلى المعتزلة كما صرح به في الروايات ويتم البحث في قدر إن شاء الله تعالى.