وكما ذكرت فإن الرسول ( صلى الله عليه
وآله وسلم ) كان غالبا ما يلجأ إلى الجبال لفترة من أجل الخلوة والعبادة والتفكر ،
وكان يقضي أكثر الأوقات في ( غار حرا )[٢].
فكان يقضي شهر رمضان كله من كل عام في غار حراء مكتفيا بالقليل من القوت تحمله
إليه زوجته الوفية خديجة ، وفي غير شهر رمضان أيضا كان يقضي أوقاتا طويلة في هذا
الغار مستغرقا ومنقطعا عن الدنيا ، ومهيئا نفسه لأمر عظيم ينتظره.
وفي ذلك الغار تجلى الكلام الإلهي على
لسان الروح الأمين ( جبرئيل ) ، موحيا ببداية آخر الرسالات الإلهية وأعظمها ، وفيه
اختار الله سبحانه عبده ورسوله ( محمدا ) ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليصدع
بالدين الخاتم ، وفيه نزلت أول آيات القرآن الكريم الكتاب الإلهي كتاب الهداية
والسعادة.
نعم في غار حراء كانت البداية ، فبعد أن
قضى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فترة طويلة في العبادة والانقطاع إلى خالقه
، جاءه
[١]الفضائل الخمس
من الصحاح الستة ج ١ / ص ٣١ ، سيرة المصطفى : ص ٩١.
[٢] يقع جبل حراء في
شمال مكة المكرمة ويستغرق الصعود إلى غار حراء مدة نصف ساعة من الزمن ، وهو من
الأماكن المقدسة عند المسلمين يقصدونه للزيارة والتبرك.
نام کتاب : هبة السماء نویسنده : علي الشيخ جلد : 1 صفحه : 159