ولو عاد كلّ واحد منّا إلى ماضيه ، وتذّكر
العديد من المواقف التاريخيّة والتي طالما صرخ عليها القلب من داخل الجسد ، وتنبه
لها العقل ولكن دون جواب ، ويبقى حائراً إلى حين الاستبصار ، فإنّه سوف يتأكّد من
صدق مقالي في ذلك ، فقد حصل ذلك معي ومع إخواني المؤمنين المستبصرين وفي مواقف
متعدّدة في حياتنا الدراسيّة ، فلقد كنّا أيام الدراسة الابتدائية قبل عقود من
الزمن نقف ونسأل أساتذتنا عن مواقف معيّنة في تاريخنا الإسلامي ، كانوا لا
يجيبوننا عليها بما يريح النفس ويقنع العقل ، وبقيت تلك الأسئلة تتردّد وتتكرّر
على شكل نداءات قلبيّة من فترة إلى أخرى ، إلى أنْ وجدت الحقيقة المقنعة لتستريح
بعد ذلك من عناء الحيرة ونصب الفكر.
بطولات
الصحابة :
وأذكر هنا بعض
المواقف فلقد كنّا نسمع عن بطولات كبار الصحابة ، وعن إقدامهم وشجاعتهم ، لدرجة
أنّنا صرنا ننظر إليهم كمثل أعلى في التضحية والدفاع عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولكنّه في معركة
الخندق وعندما طلب عمرو بن ود المبارزة بعد أنْ استطاع اختراق ثغرة من الخندق ، دعا
رسول الله صلىاللهعليهوآله
الصحابة وفي مقدّمتهم أبو بكر وعمر لمبارزته على أنْ من يبارزه يضمن له الجنّة ،
فلم يقم أحد سوى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام
، ثمّ إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله
كرّر النداء عدّة مرات فلم يستجب أحد سوى عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، الذي قام وبارز
الكفر وقتل عمرو بن ودّ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله
: « برز الإيمان كله إلى الشرك كله » [١].